شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( فتح باب الحوار ))
تقدم الدكتور غازي زين عوض الله بسؤال هذا نصه:
- ما هو مفهومكم لما يسمى بالنظام العالمي الجديد، الَّذي خرج بعد سقوط الماركسية والشيوعية وانتهاءاً بالحرب الباردة بعد تحرير الكويت، الَّذي فشل إلى حد كبير أن يحتوي القضايا المأساوية التي تعيشها الأقليات المسلمة في أوروبا، وغيرها من الدول الآسيوية والأفريقية، التي تلعب فيها الحملات الصليبية دوراً كبيراً في تصفية الإسلام والمسلمين في أوروبا وغيرها؟ وما رأيكم في الدور المتخاذل الَّذي تقفه هيئة الأمم المتحدة، التي بيدها مفتاح هذا النظام بعد الولايات المتحدة، في قتل المسلمين في البوسنة والهرسك، وفي بورما، وكشمير، وفي فلسطين المحتلة؟
- وأخيراً ألا تتفق معي بأن ما يسمى بالنظام العالمي الجديد، رغم ذلك كله فيما آلت إليه حالة الأقليات المسلمة من قتل وتعذيب.. أو لم يكن هذا النظام هو الَّذي حمى الصربيين، ووقف معهم في الإبادة الجماعية لمسلمي البوسنة والهرسك، وكل مسلم يعيش في أوروبا، وفي الشرق، وفي الغرب؛ هل آن الأوان أن يكون الجهاد الإسلامي المقدس هو المنقذ لتلك الأقليات المسلمة، وهو الَّذي يعيد كرامتها وحقوقها والمحافظة على أوطانها، من الأفعى المسلطة عليها من الصليبيين، وغيرهم من الأديان الأخرى؟
- فرد معالي الضيف قائلاً:
- أنا حذرت - في البداية - وقلت: لن أتكلم في السياسة؛ فها أنتم تردونها جذعة وتعودون إلى السياسة، من أبواب ربما تكون واسعة.
- الحقيقة أن عنوان العالم الجديد كان موضوعاً لندوات حتى في أسبانيا، كان معي حضرة الأخ أبو فيصل، تحدث عن هذا، قبل ذلك تحدثنا عن النظام العالمي الجديد؛ فالحقيقة: إنه مفهوم غائم.
- النظام العالمي الجديد.. لا يوجد نظام جديد، هذه هي مشكلة كبيرة، من كثرة ما قرأت حول ذلك الموضوع أقول: إنه مفهوم لا يزال غائماً؛ فإذا كان المراد من أن نظاماً عالمياً جديداً قد حدث، هو أن القطب الثاني في المعادلة سقط، فهذا صحيح.. القطب الثاني في المعادلة سقط واللاعب الثاني سلم لللاعب الآخر، وبالتالي، لما وزير الخارجية الأسبق شيفرنادزة نزع خنجره الجيورجي، وكان في مفاوضات مع وزير الخارجية الأمريكي، وقدمه إليه وقال: ها قد نزعت سلاحي وكان ينتظر الآخر نزع سلاحه، غير أن الآخر أحيط علماً ولم ينزع سلاحه؛ وعرف أن الخصم سلم واستسلم فهذا صحيح.
- وقد انعكس الأمر على المنظمات الدولية، التي كانت تقوم على الاستقطاب؛ أصبح القطب الواحد الآخر - الَّذي أراد إشغال الفراغ فوراً وبدون تهاون - أصبح يحرك هذه المنظمات، بدون أن يغير شيئاً في الأنظمة التي تقوم عليها هذه المنظمات؛ وبالتالي هناك مستوى بنيوي، وهناك مستوى قيمي، وهناك مستوى مصلحي - ثلاث مستويات - هذه المستويات الثلاث يجب أن نراجعها، ونحن نتحدث عن النظام القديم والنظام الجديد.
- مستوى البنية ما زال كما هو منظمة الأمم المتحدة، الدول التي تتمتع بحق الفيتو ما زالت تتمتع بحق النقض؛ المنظمة ما زالت تتخذ قرارات بالتدخل العسكري، وغيرها.. وهذه ما زالت كما هي؛ يمكن أن نعترف بأن الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، أصبحت أقوى في هذه المنظمة مما كانت عليه؛ يمكن أن تمرر كثيراً من القرارات بدون خشية، وهذا هو الشرع الجديد.
- يبقى بعد ذلك أن نتعامل مع شيئين مع المصالح ومع القيم، في النظام العالمي الجديد؛ بعض المفكرين يكتبون عن القيم، كالفوكاياما؛ هذا الأمريكي الَّذي كتب نهاية التاريخ باللغة الفرنسية؛ كتب عن القيم، وشعر أن النظام العالمي الجديد هو انتصار للقيم، قيم الديمقراطية، قيم الليبرالية التعددية؛ وهو يفرق طبعاً بين الديمقراطية والليبرالية؛ الديمقراطية: هي أن يحكم الشعب بأغلبية؛ والليبرالية تكون بالاقتصاد وتكون في الاجتماع، وفي العلاقات الإنسانية؛ وبالتالي تبنى عليها حقوق الإنسان؛ فهو يعتبر أن هذا كان انتصاراً للقيم.
- المستوى الثاني: هو مستوى المصالح، بمعنى أن نتعامل مع هذه المصالح التي تحرك النظام العالمي الجديد مع الأسف، وأقولها بحق إنَّ المسلمين في واقعهم الحالي، لا قدرة لهم على مجرد التعامل، للتفرق، فهم تفرقوا أيادي سبأ كما يقول المثل؛ فهم متفرقون لا يستطيعون التعامل مع المصالح، لأن من اللازم إذا أردت أن تتعامل مع من يقوم على هذا النظام العالمي الجديد، أن تتعامل مع المصالح، وأن تقدم له جملة من المصالح، وتكون كفواً - أيضاً - وأن تأخذ ما تريده من المصالح، أي أن يكون هناك أخذ وعطاء؛ إذا لم يوجد هذا الأخذ والعطاء بين غالبية المتلقين، لا يمكن للنظام الإسلامي أن يواجه هذا النظام العالمي على مستوى القيم أيضاً. نحن نحتاج إلى أن نشرح قيمنا.. أن نقدم قيمنا؛ قد تعجبون إذا كان نيكسون يقول: "إن المسلمين هم قوة أيدلوجية متزمتة، إلى آخره.." ويقول: "إن الدار عندهم داران دار إسلام ودار حرب، وإن الأولى يجب أن تتغلب على الثانية" كما يقول: "لا يمكن أبداً أن نعالج معهم القضايا وننسى أن عندنا دار عهد" وهذه هي الدار الثالثة نص عليها جميع العلماء.. الماوردي، وغيره..، عندنا دار إسلام ودار حرب ودار عهد أيضاً؛ وهذا مهم جداً، وهذا على مستوى القمة.
- هذا ليس ترفاً فكرياً وأكاديمياً، وإنما هو رجل صنع القرارات، وما زال إلى الآن له دخل في صنع القرارات، إذا كانت نظرته إلى الإسلام معنا أننا لم نبلغ، فعلينا أن نقوم بتبليغ المبادىء الإسلامية التي هي مبادىء رفيعة جداً، والتي وحدها يمكن أن تنقذ العالم مما هو فيه.
 
- الإسلام يقوم على التكافل على التضامن، أي يقوم على القيم السامية التي ستنقذ العالم من المخدرات، ستنقذ من الأثرة والأنانية؛ كل هذا يجب أن نقدمه للناس مشروحاً من أصوله الإسلامية، حتى نعذر من أنذر، ونقول: إن الإسلام يقدم لكم نظاماً جديداً، والعالم الآن. يهفو ويلتمس نظاماً عالمياً جديداً - فعلاً - على مستوى القيم، وإن قلت: وعلى مستوى المصالح.
- إذن على مستوى المصالح يجب أن يتكىء المسلمون، ليتقدموا في مفاوضات.. كمفاوضات الجات وغيرها من التجمعات الدولية؛ فكتلات دولية يتقدمون إليها بأوراق يمكن أن يتعاملوا معها بما يخص القيم؛ علينا أن نقدم قيمنا للعالم حتى نقول لهم: نحن - في الحقيقة - لا نحسدكم على القيم التي عندكم، فعندنا أرقى من هذه القيم، التي لو اعتنقتموها لأمكن لكم أن تنقذوا العالم مما هو فيه، من التدهور، ومن الاختلال، والأنانية.
- الأمريكان لما جاؤوا في حرب الخليج، اعترف شوارسكوف - قائدهم - يعترف بأنه وجد مجتمعاً أرقى من المجتمع الَّذي هو فيه، ويقول: إن الجنود تحسن أداؤهم، لأنهم لا يشربون الخمر؛ معنى هذا أن هذه حضارة راقية بالنسبة للحضارة التي هم عليها؛ يجب أن نتعامل.. نحن نقبل ونأخذ ونعطي، ونتعامل مع هذه الحضارة.
- بالنسبة للجهاد.. الجهاد إذا توفرت أرضيته، لا شك أن الجهاد - أولاً - هو الجهاد بالكلمة، وجاهدهم به جهاداً كبيراً.. الجهاد بالكلمة هو مرحلة كبرى من مراحل الجهاد، لأنها مرحلة لا تتوقف ولا تنتهي، الحرب تتوقف، الحرب هي لغة من لغات الجهاد، وهي وسيلة من وسائله؛ والله (سبحانه وتعالى) يقول: حتى تضع الحربُ أوزارها فهي تضع أوزارها؛ أما الجهاد - في معناه العام - فهو لا يضع أوزاره.
- علينا أن نحاول أن نثير ما في علمنا، ما في تراثنا، ما في تاريخنا من قوة، حتى نستجمع قوانا، حتى نكون على مستوى من المستويات؛ وحينئذٍ يمكن للجهاد أن يأخذ أبعاداً متعددة، هذه الأبعاد قد يكون منها - إذا أنكرت على المسلمين حقوقهم - ما قد يستعمل سلاحاً؛ قـال الله (سبحانه وتعالى): أُذِنَ للَّذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير* الَّذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلاَّ أن يقولوا ربنا الله.
- فالمولى (جلَّ وعلا) برر هذا القتال؛ قال: هؤلاء أخرجوا من ديارهم لم يبق لهم إلاَّ أن يقاتلوا؛ فالمسلمون - أيضاً - لو تجمعوا لو:
(أقول لـه وأين منه نصيحتي
أبا معتب ثبت سوادك قائما)
 
كما قال أبو طالب؛ إذن فالمسلمون عليهم أن يثبتوا سوادهم، عليهم أن يكفوا عن هذه الخلافات، فإن أكبر انتصار لأعداء المسلمين هو أنهم جعلوهم يخوضون حرباً اختار الأعداء ميدانها، حرباً خاسرة بكل المعايير مهما كان المنتصر؛ شكراً.
- ثم وجه الأستاذ عبد الحميد الدرهلي سؤالاً يقول فيه:
- ما معنى موريتانيا، ولماذا لا يتفق على تسميتها بشنقيط؟
- وأجاب الدكتور عبد الله بن بيَّه:
- موريتانيا هذه كلمة قديمة جداً، وكان الأسبان يسمون العربي - أو المسلم -: "مور" فموريتانيا كأنها بلاد المور، وهذا المور تجده مكتوباً في غرناطة، في عبارة: (إسبارودو المورو) أي العربي المسلم، ويقصدون بذلك: "الملك الصغير" ملك غرناطة حينما خرج منها تنفس الصعداء، فموريتانيا جاءت من هنا؛ على أن بعض إخواننا في المغرب يقولون: موريتانيا معناها البلاد الخضراء.. وإنها كانت بلاداً خضراء، وهي لغة بربرية، ولكني لا أرى ذلك، وأرى ما ذكرته وهو الصحيح - إن شاء الله - وهي الآن تسمى الجمهورية الإسلامية الموريتانية، والإسلام إذ أُدخل في شيء أصلحه؛ وشنقيط اسم مدينة ولها تاريخ، والموريتانيون يتنافسون كثيراً، فإذا سميت دولتهم باسم إحدى المدن يقول الآخرون لماذا لا تسمى الدولة باسم مدينتنا؛ فينشأ بين المدن نوع من الغمط.
- وسأل الأستاذ أمين عبد السلام الوصابي - رئيس تحرير مجلة بلقيس - قائلاً:
- لقد سمعنا وعرفنا عنك الكثير من الاتجاهات الفكرية والثقافية، والأدبية؛ كل هذه التوجهات تنصب في خدمة الإسلام والتاريخ العربي؛ السؤال هنا: ما هي أبرز الخصائص الأدبية والفكرية المشتركة بين أدب المغرب العربي والمشرق العربي؟
- وأجاب معاليه على السؤال بقوله:
- يوجد طائر صغير اسمه الوطواط يقال: إن الطيور قالت: إنه ليس منا، لأن له أسناناً وقال السباع ليس منا لأنه يطير..
- وقد وجه إليَّ سؤال في الأدب، وأنا لست من الفقهاء والأدباء؛ ما يتعلق بالخصائص المشتركة فهذا الأدب أدب عربي، وكل الخصائص تقرب بين الأدب في المشرق والأدب في المغرب، لأن الجذور التاريخية هي واحدة، ثم إن الجذور الحاضرة والروافد الحاضرة للأدب هي روافد واحدة؛ كثير من الأدباء قرؤوا لأدباء الغرب لشكسبير أو لفيكتور هوجو، بالنسبة لنا في شمال إفريقيا قرأنا لفيكتور هوجو ولا مرتين، والأدباء الفرنسيين - مثلاً - فالروافد هي نفس الروافد؛ الروافد الجديدة والحديثة هي نفس الروافد، وأيضاً الأصول القديمة والمنابع القديمة هي نفس المنابع، فما دامت المنابع هي نفس المنابع والروافد هي نفس الروافد، أعتقد أن كل الخصائص تقرب بين الأدبين، مع تباينات قليلة في الصياغة بالنسبة لأدباء المغرب، وبالنسبة لأدباء المشرق.
- وسأل فضيلة الشيخ محمد علي الصابوني قائلاً:
- فضيلة شيخنا الجليل:- ورد في كلام فضيلتكم قول الإمام الشافعي (رضي الله عنه): استحسن في المتعة ثلاثين درهماً؛ رجاء التكرم بتوضيح مراد الإمام الشافعي، هل يريد به نكاح المتعة التي يبيحها الشيعة ويحرمها أهل السنَّة، وهي عقد الزواج بامرأة إلى أسبوع أو أسبوعين أو شهر أو شهرين، أم هي التي وردت في القرآن الكريم حول تكريم المطلقة بعون مالي، تخفيفاً لوقع ألم الفراق؛ قال الله تعالى به: متعونهن وسرحوهنَّ سراحاً جميلاً أرجو التوضيح؟ وشكراً.
- ورد معالي الضيف على سؤال فضيلة الشيخ الصابوني بقوله:
- بالنسبة لهذه المسألة فالأمر واضح جداً، فالمعنى الثاني هو المراد؛ الشافعي (رضي الله عنه) لا يقول بالاستحسان، ولكنه يعني سبق لسانه قلمه، وقال استحسن في المتعة للمطلقة: فمتعوهنَّ وسرحوهنَّ سراحاً جميلاً واستحسن ثلاثين درهماً أن تعطى لها - كمتعة - ليخفف عنها وطأة الطلاق؛ ولكن أصحاب الشافعي قالوا: إن الاستحسان هنا بمعنى الاستحباب، وليس بمعنى الاستحسان الَّذي يقول به الأحناف والمالكية، مع أن الشافعي قال باليمين على المصحف، وهذا استحسان لأصل هذا اليمين، هو يمين بالله فقط؛ هذا الَّذي ورد في القرآن: أقسموا بالله جهد أيمانهم وورد في القرآن الكريم: فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما فالشافعي قال باليمين على المصحف وهذا استحسان، فهو وقع في الاستحسان وإن كان قد ندد به تنديداً شديداً، حتى قال: من استحسن فقد شرع.
- وقدم الأستاذ خالد عبد الرحمن محمد علي سؤالاً يقول فيه:
- أرجو أن تحدثونا قليلاً عن المصطلح الَّذي راج هذه الأيام بين التيارات الفكرية الإسلامية، وهو المصطلح: "الإسلام السياسي" وهل هناك إسلام سياسي؟
- فأجاب معاليه قائلاً:
- لا شماتة في الاصطلاح:
تقول هذا لعاب النحل تمدحه
وإن نقمت فقل قيء الزنابير
 
وهذا عاشق يقول: "ينوح الحمام"، والآخر يقول: "يبكي الحمام" والآخر يقول: "يغني الحمام" كل واحد ينظر إليه من زاوية. أعتقد بأن الإسلام السياسي عبارة عن تطلعات لبعض شرائح المجتمع،. هذه التطلعات في بعض الأحيان تكون بحسن نية، بمعنى أنها لا تطلب إلاَّ وجه الله (سبحانه وتعالى) وتريد حضور الإسلام في الحياة؛ وفي بعض الأحيان قد تكون الأرضية بمعنى الوصول إلى السلطة بشكل أو بآخر؛ وهذا له معنى آخر، فالسياسة هي من الإسلام والإسلام هو دين ودولة، وهذا أصل في الإسلام؛ وقد ألف العلماء في السياسة الشرعية في شرح الإسلام لابن تيمية، فالسياسة ليست كلمة غريبة عن الإسلام، ولكنَّ لها معاني كثيرة، وهذه المعاني كل واحد يحمل شحنة إحساسية، ولا يمكن أن أتحدث عنها في هذه العجالة.
- ثم وجه سؤال من الأستاذ غياث عبد الباقي جاء فيه قوله:
- فضيلة الشيخ عبد الله بن بيَّه: إنكم من العلماء الأفاضل والحكماء الصادقين، وتتمتعون بالنظرة السديدة؛ والإعلام - يا سيدي - له دوره وتأثيره في المجتمع الإسلامي؛ فهل من كلمة توجهها لرجال الإعلام والفكر والأدب، ومعنا منهم مجموعة كبرى؟
- وأجاب فضيلته:
- يا أخي لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله له؛ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: أيا أيها الَّذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين أتوجه لهم بالصدق:
وإن أحسن بيت أنت قائله
بيت يقال إذا أنشدته صدقا
 
فعلى الإعلاميين أن يتصفوا بصفة الصدق وبسمة الحق، فهذه الصفة في غاية الأهمية؛ أعتقد أنه إذا اتصف به الإعلاميون فسيغيرون مجرى حياة الأمة، إذا تعاملوا بصدق مع القضايا، وأدركوا أن الإعلام أمانة، وأن من وكلت إليه أمانة فعليه أن يؤديها؛ فالكلمة أمانة، فيجب أن نعرف ذلك ونعترف به.
- وسأل الأستاذ محمد عبد الواحد قائلاً:
- تطرقتم إلى موضوع الحداثة، وكنا نود أن تتوسع معاليكم في الحديث عن هؤلاء الأدباء الحداثيين والَّذين لا يفهمون بعضهم؛ فكيف يتسنى لنا أن نفهمهم؟ لقد قال الإمام علي (كرَّم الله وجهه): "خاطبوا الناس بما يفهمون" أو هو قول قريب إلى هذا المعنى؛ فهل الحداثيون يخاطبون الناس بلغة مفهومة وسليمة، أو تعتقدون أنهم يأتون بلغة جديدة؟ إذن: فما هي قواعد وأصول هذه اللغة الجديدة؟ وشكراً.
- ورد معالي الشيخ عبد الله بن بيَّه قائلاً:
- أنا أعتقد ما أعرف من شكل التعريف أنني لست حداثياً ولست حدثاً، وبالتالي هذه القواعد التي يرجعون إليها لا أعرفها: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون المهم الَّذي أريد أن أقوله: إن الحداثة يجب أن نجردها من الشحنة الدينية وأن نبعدها عن هذا، إذا دخلت في المعترك الديني هذا شيء صعب، ولكن إذا اعتبر أنها تعبيرات وتوجهات في الخطاب، أو ذوق عند بعض الناس، فهذا أمر - أيضاً - له معيار آخر.
- بالنسبة لي: أرى أن اللغة العربية مقننة ولها أصول، ولها طرق تسير معها عن طريق الحقيقة والمجاز، هذا المجاز قد يكون استعارة وقد يكون كناية على القول بأن الكناية نوع من المجاز؛ والقول الآخر: بأنها بين الحقيقة والمجاز؛ فتتدرج اللغة والكلمة المفردة من أصل إلى فرع وهذا التدرج منضبط بقواعد، وبالتالي لنتعامل مع هذه اللغة يجب أن نفهم ونتعامل مع هذه الطرق؛ هذا هو الأصل عندنا في التعامل مع اللغة العربية، إذا خرجنا عن هذا المجال فنحن لم نعد نفهم شيئاً ولا نحكم على شيء إذا لم نفهمه، الحكم على شيء عبارة عن تصورنا.
- أمنيتنا أن يتكلم كل أناس بما نفهم وبما يفهمون، وذلك أجدر وأولى أن يقع التفاهم بين الجميع؛ ولكن إذا اختار شخص بأن يتكلم بلغة لا يفهمها الآخرون، فهذا شأنه، بشرط أن لا يكون ذلك عدواناً على الدين وعلى ما يتعلق بالمقدسات، وحينئذٍ فالأمر لا يعود خاصاً به، إذا كان في هذا الكلام وفي هذا التعامل عدوان على المقدسات؛ أما إذا كان منحصراً في نطاق مجموعته أو حلقته التي يدور فيها، أو فلكه الَّذي يدور فيه؛ فهذا أمره الَّذي يرجع إليه.
- الَّذي أعرفه: أن اللغة العربية لها قوانين وضوابط تحكم مسيرة كلماتها، فالكلمة تنطلق لتصل إلى مكان معين في حدود معينة؛ فنحن نعرف إذا كانت حقيقة، أو إذا كانت مجازاً، أو إذا كانت استعارة، أو إذا كانت كناية.. بحسب القرائن وبحسب - أيضاً - الألفاظ.. فلغة أمر إذا جمعناها على أوامر تكون بمعنى معين، وإذا جمعناها على أمور تكون بمعنى آخر؛ فنحن نعرف الحقيقة والمجاز بالنظر إلى الكلمة نفسها، وبالنظر كذلك إلى القرائن التي تلتف بالكلمة؛ اللغة العربية هي لغة حساسة، لأنها لغة نزل بها القرآن ووردت بها السنَّة النبوية، ولذلك فهي حساسة قريبة من المقدسات، ولكني مع ذلك لا أتهم أحداً اتهاماً قد لا أجد عليه دليلاً، لا بد أن يكون الاتهام واضحاً وبواحاً، حتى أستطيع أن أوجه إليه التهمة؛ أنصح بالتعامل مع اللغة العربية تعاملاً عاقلا ً، تعاملاً في حدود الضوابط التي تتميز بها هذه اللغة؛ وحينئذٍ فسيجد ذلك المتعامل أنها لغة واسعة وفسيحة، وأنها ليست ضيقة أبداً.
- ووجه الفنان خالد خضر السؤال التالي:
- أرجو من فضيلتكم التفضل بشرح وجهة نظركم بالنسبة للفنون - كالغناء، والرسم، والتصوير الفوتوغرافي - من وجهة الدين وأقوال العلماء؟
- وأجاب معاليه قائلاً:
- هذا يحتاج إلى كتاب، يا أخي كلفتني شططاً.
- الغناء أنواعه منوعة، منه: النصب، ومنه الحداء، ومنه غناء بالطبل، ومنه الغناء بالآلات الأخرى، ومنه غناء الرجل في بيته..، فكل صنف منها يأخذ حكماً من الأحكام ليست للصنف الآخر، والفقهاء يعرفون ذلك.
- واختلف الفقهاء - أيضاً - في مواطن منه اختلافاً شديداً، والغناء كما تعرفون منه ما هو مقبول تارة وما هو مرفوض تارة أخرى، هناك أحاديث كثيرة وهناك أقوال للعلماء وردت في تفسير هذه الأحاديث وفي تصحيحها، والمهم إن المعازف أجمع جمهور العلماء على منعها أما بالنسبة للطبل فليس ممنوعاً خصوصاً في الأعياد وفي الولائم، كما ثبت في الحديث أن امرأة جاءت للنبي صلى الله عليه وسلم وقالت: نذرت إذا ردك الله أن أضرب بالدف فقال: (أوفي بنذرك) فالغناء مسألة فيها كلام كثير للعلماء الأوائل وبإمكان السائل أن يرجع إلى "نيل الأوطار" للشوكاني باب الأحاديث المتعلقة بالغناء فسيجد بغيته حيث يذكر المؤلف أقوال كثير من العلماء حول الموضوع أما أنا فمنهجي ألاَّ أفرض رأياً وإنما أذكر أقوال العلماء بكاملها وهذا موقفي في هذه المسألة. أما فيما يتعلق بالرسم فمنه ما هو تجريدي ومنه غير ذلك ومثله التصوير فمنه التصوير الفوتوغرافي الَّذي نراه وهو حبس الظل ومنه غير ذلك وقد ألف كثير من العلماء كتباً في ذلك وهم أهل للفتوى ويمكن الرجوع إلى كتبهم.
ثم وجه الدكتور اسطنبولي سؤالاً جاء فيه:
فضيلة الفقيه العلامة، من الملاحظ أن إحدى الصحف تصدر وتحمل في أعلى صفحتها الأولى البسملة وفي نفس الوقت فإنها تنشر يومياً معلومات عن أسعار الفائدة المتداولة في العديد من الدول. هل تعتقدون معاليكم أن هذا العمل مناسب؟
وأجاب معالي الضيف قائلاً:
- لا أستطيع أن أقول لأحد ألاَّ يكتب البسملة ولا أستطيع أن أقول له ألاَّ يذكر الربا أو نحو ذلك فهذه أمور أردها إلى السائل وأقول له:
ليس المسؤول عنها بأعلم من السائل.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :629  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 72 من 167
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الثالث - النثر - مع الحياة ومنها: 2005]

محمد سعيد عبد المقصود خوجه

[حياته وآثاره: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج