شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الدكتور حامد الرفاعي ))
ثم أعطيت الكلمة لسعادة الدكتور حامد الرفاعي - الأستاذ بكلية العلوم جامعة الملك عبد العزيز - فقال:
- بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله.. والصلاة والسلام على رسول الله..
- الشكر والتقدير - أولاً - لأخي سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه، أن سنَّ هذه السنة الحسنة في تكريم وتوثيق مفاخر أعلامنا في تاريخنا المعاصر؛ ويسعدني - ثانياً - أن أشرف في هذه الأمسية الطيبة المباركة، أن أكون أحد المتحدثين احتفاءاً وتكريماً بالأخ الحبيب معالي الشيخ عبد الله ولد الشيخ محفوظ بن بيَّه، العالم الجليل، السياسي المتمرس، الدبلوماسي البارع، الشخصية الإسلامية المتكاملة.. كفاءة وممارسة في ميادين الحياة.
- كان لي شرف التعرف على معالي الشيخ عبد الله بن بيَّه في مجلس أخينا الدكتور عبد الله نصيف (حفظه الله) منذ ثلاثة عشر عاماً، وتوثقت الصلة وكانت لقاءات، وكانت مدارسات، وكانت مشاركات فكرية وثقافية، ومشاركات ميدانية على الساحة الأفغانيه، وعلى عداها من الساحات الإسلامية في إفريقيا وفي أسيا وفي أوروبا، وفي كثير من بلدان العالم العربي والإسلامي والعالمي.
- الشيخ عبد الله بن بيَّه في هذه الدقائق الصغيرة القليلة، يجد الإنسان نفسه مضغوطاً كل الضغط أن يتحدث عن هذه الموسوعة في هذه الدقائق الخمس، ولكن أقول باختصار: معالي الشيخ عبد الله بن بيَّه العالم الَّذي يعيش زمانه، فهو يعيش حاضر أمته وهموم هذا الحاضر، ولكن بإحاطة دقيقة واعية لماضيها التليد، مع نظرة متبصرة لمستقبلها كيف يكون هذا المستقبل؟ وما هي الرؤى التي يمكن أن نورثها لأجيال أمتنا ليستهدوا الطريق في حاضرهم ومستقبلهم؟ فهو الفقيه المتمكن من الفقه؛ ولكن هذا الفقيه عرفته متميزاً بشيء قلما أجده عند أقرانه وأمثاله من العلماء.
- الشيخ عبد الله بن بيَّه، رغم أنه حجة في المذهب المالكي؛ إلاَّ أنك تراه على إحاطة كبيرة ودقيقة بكل مذاهب الفقه الإسلامي؛ وإذا جلست معه تعالج قضية من قضايا العالم الإسلامي، لا تكاد تحس أن هذا الرجل يتحدث بمذهبية، إنه ينحاز لمصلحة الأمة، ويبحث عن حلٍّ لهذه المصلحة من خلال تراثنا الفقهي المتكامل؛ وهذه القضية قلما تجدها عند عالم في تاريخنا المعاصر؛ وللأسف إن كثيراً من علمائنا حجزوا أنفسهم في جدران مذهبيتهم، أو حتى في جدران فرع مدرسي من فروع مذهبية، فكان هذا الشتات الَّذي ترون على الساحة الإسلامية.
- الشيخ عبد الله بن بيَّه بدبلوماسيته الرائعة وسياسته المتمرسة، كان دائماً بفضل الله (تعالى) وقد رافقته في كثير من الأسفار، وشاركته مشاركة متواضعة في كثير من المساهمات في قضايا العالم الإسلامي، فكنت أراه الرجل الَّذي إذا تحدث أصغى إليه الجميع، لأنه يتحدث من القلب إلى القلوب.
- حدثت الأزمة السياسية بين السنغال وموريتانيا، فلم يَنْحَزْ الشيخ عبد الله بن بيَّه لإقليميته وعشيرته، بل انحاز لإسلاميته، وقدم الدراسات، وقدم المقترحات، وأهاب بالمؤسسات، وانعقدت ندوة كبيرة في غينيا تحت عنوان: "ندوة الإخوة الإسلامية" والتقى في تلك الندوة علماء موريتانيا وعلماء السنغال، ممثلين للرئيسين السنغالي والموريتاني؛ ثم تحدث الشيخ عبد الله بن بيَّه في تلك الجلسة التاريخية التي لم يتحدث عنها إعلامنا - للأسف - شأن كثير من القضايا الهامة؛ وكان ذلك اللقاء هو الرسالة التي تلقاها الرئيسان الموريتاني والسنغالي، ولتنتهي الأزمة بشهور قليلة كادت أن تعصف بالبلدين، أو كادت أن تعصف بإفريقيا كلها، لأن كثيراً من الجهات كانت تلعب بأوراقها، وتلعب بالأسباب الإقليمية والعرقية والطائفية في ذلك الوقت؛ ولكن كان لهذا الشيخ؛ بتحرك هادئ متزن مخلص..، أن أنهى هذه الأزمة، وكان له - بفضل الله تعالى - ولأمثاله من العلماء أن أنهى أزمة كبيرة، كادت أن تكون فتنة من الفتن التي نواجهها في تاريخنا المعاصر. في أفغانستان كنت كذلك برفقته.. برفقة متواضعة، وأؤكد على كلمة المتواضعة لأنني متدرب إلى جنبه وإلى جنب نشاطه، وقدراته، وكفاءاته؛ وكان - بفضل الله تعالى - أن استفدت كثيراً، طرح طروحات كثيرة على الساحة الأفغانية، وكان كل مرة يقدم لهم أطروحة ونظرية وحلاًّ فبدأنا - أو بدأ فضيلة الشيخ ونحن إلى جانبه - في نظرية التوحيد، ونظرية اتحاد، ونظرية التنسيق؛ ثم أخيراً - وبعد أن تعب وتعبنا إلى جانبه مضى - طرح نظرية تنظيم الخلافة، وهذه النظرية لها تفصيلاتها، ولها فلسفتها عنده؛ ومع ذلك لم نحصل على شيء، لأن هناك أسباباً تعرفونها جميعاً، أو أن الوقت لا يحتمل إلى التفصيل فيها.
- في المرحلة الأخيرة طرحت في موريتانيا قضية انتخابات رئاسة الجمهورية، وجاءت وفود رسمية ووفود شعبية، تطلب من معالي الشيخ عبد الله بن بيَّه أن يترشح لمنصب الرئاسة الموريتانية، ولكن الشيخ بطريقته وبمنهجيته انحاز لموريتانيا، ولم يقبل أبداً أن يدخل هذا المعترك، وقال: أنا لموريتانيا، وبالفعل مرت الانتخابات وبقي الشيخ عبد الله بن بيَّه لموريتانيا، وبيته هو السفارة غير المعلنة للموريتانيين، لا يمر رجل مسئول بموريتانيا إلاَّ ويزور بيت الشيخ، ولا يمر عالم ولا يمر وجيه إلاَّ ويؤم بيت الشيخ، حتى أن كثيراً من الشخصيات الأفريقية كان هذا شأنها مع فضيلة الشيخ.
- وكنت أتمنى أن يكون عندي وقت لأطرح بعض الجوانب التي لمستها واقتبستها وتعلمتها في مدرسة معالي الشيخ، وأختم حديثي بطرفة صغيرة في إحدى أسفاري بصحبة الشيخ - الَّذي كان يعتاد أن يسافر بدون استعداد متميز للسفر، ويحتذي في قدميه الزحافة الموريتانية - فكنا في الدرجة الأولى، وأثناء نزول الطائرة يبدو أن هذه الزحافة انزلقت فدخلت تحت المقاعد، والوفد الرسمي والجهات الرسمية تنتظر؛ رآني والدكتور عبد الله نصيف أبحث تحت المقاعد، فقال عم تبحث؟ فقلت له حذاء الشيخ؛ الدكتور عبد الله وضع الشنطة من يده - وهو الجوال المتمرس في البحث - فبدأ يبحث تحت المقاعد، فوجد الزحافة قد انزلقت إلى آخر مقعد، فانتزع الحذاء تكريماً للشيخ عبد الله بن بيَّه وانحنى معالي الدكتور عبد الله نصيف تحت قدم الشيخ فوضع الحذاء؛ فقال الشيخ عبد الله بن بيَّه: عفواً أستغفر الله، فيرد معالي الدكتور عبد الله نصيف (حفظه الله) بقوله: إنه يشرفني أن أكون خادماً للعلماء.. وأنت على رأس هؤلاء العلماء.
 
- شكراً لكم، وكنت أتمنى أن أُعْطَى وَقْتاً أكثر لأتحدث عن الكثير الكثير؛ والسلام عليكم ورحمة الله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :509  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 69 من 167
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج