قالت الحلوةُ: مَنْ أَلْقاكَ في دَرْبي مُحِبَّا؟ |
يَا غَريباً كان في المنزل جاراً يتأبَّى! |
يتحاشانا حَياءاً.. رائق الألفة عذْبا |
يرسل النظرة خطفاً ويمد الكفَّ رهبَا، |
فالتحيَّاتُ صباحاً.. أو مسَاءً.. منه تُجبى |
لا يرى إلا لماماً.. ظنه الغافلُ عُجْبا |
يَنْتحي الرّكْنَ الشماليَّ مقرّاً مُسْتحبَّا، |
قارئاً.. أو كاتباً.. يعشقُ أوراقاً وكُتْبا |
سادرَ الفكرة في أكوانِه.. شرقاً وغربا.. |
فعَرَفْناهُ عَلى مهل أديباً.. رقَّ قَلْبا! |
ثمَّ مَدَّ اللَّحظَ يَرمينا بهِ.. بُعداً وقُرْبا! |
قد تْأنَّاهُ سؤالاً صَامِتَ الدَّعوةِ صَبّا.. |
مُذْ تَعَوَّدْناهُ إيماءً فإرسَالا فَنَهْبا.. |
وانبرى يسلَكُ لِلقلب ثنيَّاتٍ وَدَرْبا! |
والأحاديثُ فنونٌ تسلَبُ السَّامِعَ لُبَّا، |
فاصطفيناهُ، فأشجاناً، فأولَيْناهُ حُبّا، |
فَتَجرّا وَطَوانا في الهوى ـ طوعاً.. وغصبا! |
كيف هذا.. حَدثت أدوارهُ ـ بدءاً ـ وعقبى؟ |
افتدري أنْتَ أو تَذكرُ ما قد مرَّ نهبا؟ |
قلْ! فما أعذب ما تَرْويه لي.. صدقاً ـ وَكِذْبا! |
يَا معيرَ الكلماتِ البيضِ من فَنِّك ثوبَا!! |
قلتُ: والحلوةُ جَنْبي همسَةٌ تُشْعِلُ حَرْبا |
بَين قلب رَفَّ كالحِسِّ، وَحسٍّ فيهِ شَبَّا |
بَين ري.. وَحنانٍ شَاقَنَا ضَرْباً فَضَرْبا.. |
وابتسَامٍ كَرَفيف الزَّهْرِ.. حُلْو يَتَصَبِّى.. |
كالرَّذاذِ العَذْب قد نضَّرَ أزْهاراً وَعُشْبا |
أنا مَنْ كُنْتُ.. كَما قُلتُ.. فعَيْشي كان جَذبَا، |
في وُجودٍ.. وقيود.. أَفْعَمَتْ دنياي كَرْبَا |
أَنا يَا حِلْوَةُ.. مَنْ صَوَّرَتْهُ.. ذِكْرى.. وَعٌتْبا |
في مَرَائي الحُبِّ تزهو.. في مراقي الحسِّ رَكْبَا |
الصَّباباتُ حيَاتي.. والْمُنى مرعاي خِصْبَا |
وَالْهَوى دائيَ لا أرجو لَهُ في العُمْرِ طِبَّا! |