أخي.. والهوى الفكريُّ.. ما زال بَيننا |
عَلى عهده ـ من أمسنا ـ ما تغيرا |
تباعد ممشانا عَلى الجسر.. مهجرا |
فأصبح ملقانا على الشعر.. معبرا.. |
يطوف بنا في كل صبح منور |
عَلى صفحَة الركن الذي بك نوَّرا |
حفيًّا بأطياف السوانح حرة.. |
من القيد.. مسود الملامح اغبرا.. |
اتتني وفي أعطافهَا رقة الصبا |
تعيد لنا الذكرى.. خَيالاً مصورا |
وتمرح في روق الشباب تسترت |
به بصمات الإثم.. لما تسترا |
فأنزلتها صدر الكهولة منزلاً |
كما شئته.. جم الحياء.. موقرا |
وأودعتها قلبي.. لهيب مشاعر |
تعودها قلبي.. إذا ما تسعرا |
فإن هي أدنتني إلى الروح كهله |
بأركانها الماضي غفا وتدثرا |
فقد ألهمتني من غَرامي أسطرا |
رواها شبابي في الغرام وسطرا |
فداك الأمَاني الغاليات تفيأت |
من الظل.. ممدود الرفارف أَخْضرا |
تميس بهَا حور المعَاني.. لواعباً |
عَلى العشب هفهاف النسائم أزهرا |
تَلاغَيْنَ بالأسمار.. فناً.. وفتنة |
وَنَاغَيْنَ بالأسحار ناياً.. ومزهرا |
وعشن بوادي الشعر ساجلن أهله |
وساجلن في الوادي أبا الشعر عبقرا |
يلذن بأحضان الألمُبِ كواعباً |
يهبن عَذاراهُ.. الغرام المعطرا |
إذا الجدول الرقراق غنى.. فصفقت |
عَلى ضفتيه الصادحات.. تأثرا |
أخي.. والضحى في رأده ومسَاره |
وبَين ملاوات تواترن أعصرا |
إلى بَيتنا العَالي ألاح وقد دنا |
وفي ظلنا الساجي أفاء وهَجَّرا |
أعيذك أن تبلى المحبة بَيننا |
وأن يتباطى من أشاح وقصرا.. |
أخا النبع.. لم ينضب على الْمَتحِ فَيْضُهُ |
روافد.. أروت ما زها وتَنَضّرا |
تراوح بَين الشرق والغرب سَيْرُهَا |
إذا ما سرى بَين المدائن.. أَصْحَرا |
عَلى سِنَةٍ من هَجْعَةِ الفكر وانياً |
عصيًّا تأبَّى.. أم أبيًّا تكبرا |
اعدت لنا أُوسْكَارَ وايلد شاعراً |
رشيق القوافي جَاهليًّا تحضرا |
أحب مجالاتِ الحَياةِ.. رحيبَةً |
فصعَّدَ في أعماقها.. وَتَغَوَّرا |
وزخرف بالفن الرفيع دروبَها |
شعاب نفوس رادها.. ما تعثرا |
مُزِفًّا إلى سمع الحَياة وأهْلِهَا |
روايَةَ جَوَّابٍ أصاخ.. وأبصرا |
يبعثرُ مكنون الضمير.. شَهّراً |
وينثر مخبُوءَ السريرة مُضْمَرا |
فما عاب أوْضَارَ الخوالجِ.. فطرةً |
ولا عاش رأيَ النَّاسِ.. جافوه مَعْشَرا.. |
ولا هاب غُولَ الإثم لاقاه.. واحداً |
وقد هم واستشرى.. وهب وكشرا |
دعاه.. فأقعى مُسْتكيناً لِفَنِّه.. |
فخلده بالفن.. معنى محررا |
وصورت دُورْيَانَ الفتى طول عمره |
وسيم المحيّا.. عاش للحسن منظرا |
ينام خفيَّ الإثم في الدار صورة |
أجنته أصلاً.. حَيث أجلته مَخبَرَا.. |
فبادر يَسْتَسْقي الهوى صبواته |
تأطَّر في سَاحَاتها.. وتبخترا |
فلما تمَلّى بالجوانح ثَرَّةً |
هَوَاهُ.. وَأزْرى بالهوى وَتَحَدَّرا |
أفاء شقي النفس ما طاق زَجْرَهَا |
إلى صورةٍ.. أهوى إليها.. وزمجرا |
فعاد لها حُسْنُ الشَّباب مُحَبَّباً |
وشاه به قُبْحُ المآثِمِ مُنْكَرا.. |
واسدل أطرافَ السِّتارَةِ.. حاملاً |
خطاياه وِزْراً.. للمصير تَدَهْورَا.. |
هو الفن لم يَنْضَبْ عَلى الدَّهْر نَبْعُهُ |
ترقرق في دنيا الهوى.. وتفجَّرا |
تَمَوَّجَ.. لم يَأْسَنْ.. على جَنَباتِهِ |
أقمنا حياة الحبِّ عَاشَ وعمّرا |
أفاض به الهامي.. وهام به الصدى |
وغاض به الجافي.. ثوى وتحجرا.. |
أخا الحسن موصول الطَّراءَةِ عاشقاً |
أماز شتيت الحسن.. ثم تخيرا.. |
رويدك.. لا تجْفَلْ لمرآكَ شائهاً |
كما قالت المرآة قولاً مزورا |
فلا زِلت في الأعيانِ كَرَّةَ طَرْفِهَا |
رَوَتْكَ.. فَأرْوَيْتَ الصبابة جُؤْذَرَا.. |
فلا تسْأَلِ الْمِرآةَ.. ظَنًّا مُفكِّراً |
وَسَلْ عَنْكَ قلباً مِنْكَ بالظَّنِّ أَجْدَرا |
وقل لفؤادٍ عاث ما عاث وانتَهى |
إلى الفَيءِ ساحاً.. في الظِّلالِ.. تَنَوَّرا.. |
رأى الشَّعرَاتِ الْبِيضَ رَفَّتْ ولألأت |
بِفُوْدَيْ مُعَنى.. قد بكى وتحسَّرا |
ظَمئْتَ إِلى التَّقوى وقد آن حينهَا |
فَزَكَّيْتَ قولَ الزُّورِ عُذْراً مُبَرَّرا.. |
تَأنَّ.. وَلا تَعْجَلْ على الدَّربِ إنَّما |
سَيلحق فيه من مضى من تأخَّرا |
حنَانيكَ.. إِنْ تَلْقَ الحياةَ.. مُخَيَّراً |
وَرَحْمَاكَ.. إِنْ تَلْقَ المآبَ.. مُسَيِّرا! |