أبا خَالدٍ نَامَ الهوى فبَعَثْتَهُ |
على دربه شوكاً.. تفيّأ.. لا زهرا |
توسَّد من ماضيه ما رقَّ ذكره |
وما راق يرمي دونه نظراً شَزْرا |
وكان على ليلاته ونهَاره |
أخا صبوةٍ رادَتهُ من أمرها أمرا |
فأسمعته رجع الصدى هَاجَ شجوَهُ |
وأطَرْبْتَه بالشعر هام به دهرا.. |
فظلَّ ثقيلَ الجفن يقعده الكرى |
وفزَّ خفيف الخطو.. يبتدر المسرى |
يتمتم بالمرويِّ منك صبابَة.. |
أشعت بها الأحلام. نورتها كُبْرى |
شكوتَ بِها لذْعَ الضياع.. أراده |
دلالُ حبيبٍ.. بِتَّ توسِعه صَبرا.. |
بِغاليةٍ في وعدها ووعيدهَا |
حَصَبْتَ بها الهجران تزْجره زَجرا |
وأهديتها رغم النّوى وبعَاده |
إليّ وقد أغليت جَلوتها مهرا |
فجاءَت كأعراس الحقول يزينها |
من الروض ما أزهى وأورق واسْتمْرَا |
ورقَّت كأنفاسِ العذارى تلاحقت |
لدى حلم بالقلب مرَّ وما قرَّا |
مرفهة سمراء مسَّت يد الأسى |
حشاها فراحت تشتكي الأيْنَ والهجْرا |
حنانيكَ ماذا يفعل الشط بَعدنا |
وكنا لديه الشطَّ.. والرَّمل.. والبحرا |
نلاعب من أمواجه ما يروقنا |
نغيب بها سرًّا ونطفو بها جهرا |
ونترك في أصدافه الذكر راوياً |
بأنا أخذنا الدرّ من بَينها قسرا |
((وكم بالرّمال البيضِ خطّت أنامل |
على الشاطئ النديان من حبنا سطرا))
|
قرأناهُ.. فليقرأه مِن بَعْدُ غَيرُنا |
فَقَدْ عَاشَ للعشَّاق مِن بعدنا سفرا |
تعاليتَ في نجواك شكوى جَديدة |
أثارت بنا الشكوى القديمة قد تترى |
وحلَّقت في دنيا أباحتك حسنهَا |
فألويتَ معصوماً بدنياك مزْوَرّا |
ترودُ من الحرمانِ كوناً من الدُّنى |
به السّحر جذاباً يطاولهَا سحرا |
ألست ترى أني وأنت لدى الهوى |
رفيقا سرابٍ لا يبلُّ لنا صدرا |
وإن كنت في صحراء يومك رانياً |
لواحاتها بَين الغدير جرى نهرا |
((وإن كُنْت ما بَين الأماني تجمعت |
ستقرؤها وجداً.. وتستافها عطرا))
|
تخالف أمرانا على الدَّرب سائر |
وَثاوٍ يُصيخُ السمع رددّه ذكرى |
وما يستوي القلبان.. في الصدر خافقٌ |
وغافٍ به ليل الكهولة قد أزرى |
أبا خالدٍ.. والفن مدَّت رواقه |
علينا بنات الشعر طبنَ به شعرا |
على حبها جاءتك تسعى طليقةً |
وفي صدقها وافتك رَيْقة شكْرَى |
أثارَ بها فضلُ الهوى بَعْضَ ما بهَا |
فحنَّت لماضيها تجوسُ به حيرى |
وأنْتَ الهوى أغلى الهوى وأعزَّهُ |
على سَنَنِ الأيْامِ.. ترفْعُهُ قدْرا.. |