أَلَمْ تَرَ قَرْيَتِي.. يوماً.. |
أَلَمْ تَسْمَعْ بِمَا فِيهَا؟! |
مِنَ النّعْنَاعِ.. والريحانِ.. لِلعِطْرَةِ.. وَالْحِنَّا |
إلَى الْعُصفُور.. إنْ زَقْزَقَ.. والقُمْرِي.. إِذا غَنَّى |
وَقَدْ دَارَتْ سَوَاقِيهَا.. |
لَدَى إشراقَةِ الفَجْرِ.. |
وَهَبَّ الطَّوْدُ.. وَالغَابُ!! |
أَلَمْ تَرَ قَرْيَتِي.. يَوْماً |
أَلَمْ تَسْمَع بِمَا فِيهَا؟!. |
لَقَدْ غذَّتْكَ مَرْعَاهَا |
وَأغْنَتْكَ بَوَادِيهَا |
بِمَا تَجْلبُ مِنْ ضَأنٍ |
وَمِنْ تَمْرٍ.. وَمِنْ جَمْرِ |
وَلَكِنَّكَ لَمْ تَدْنُو |
وَلَمْ تُصْغِ.. وَلَمْ تَرْنُو |
إِلَى مَاضِيكَ.. مَاضِيهَا.. |
فَلاَ تَعْرِفُ مَنْ نَحْنُ |
إِذَا جِئْنَا.. وَإِنْ رُحْنَا |
وَلاَ القَرْيَةَ تَأتِيهَا.. |
كَأَنَّا عَنْكَ أغْرَابُ!! |
هُنَالِكَ قَرْيَتِي نَامَتْ |
عَلى سَفْحٍ.. بِوَادِيهَا |
بِهِ الإنسَانُ كالمِحْراثِ.. مَكْدُودٌ.. إِذَا أَنَّا |
وَقَدْ جَفَّتْ رَوَابِيهَا |
لَدَى السَّهْلِ.. وَفي الوَعْرِ |
وَكَلَّ الظِّفْرُ وَالنَّابُ!! |
وَرُبَّة زَهرَةٍ نَبَتَتْ |
عَلَى جُرْفٍ.. يُحَاذِيهَا |
يَكَادُ الشَّوْقُ يَحْرِقُهَا |
وَوَخزُ الشَّوْكِ |
يُدمِيهَا |
فَلاَ ثَغْرٌ يُقَبِّلُهَا |
وَلاَ نَايٌ.. يُسَلِّيهَا |
لَقَدْ عَاشَتْ.. كَمَا عِشْنَا |
لَدى السَّفْحِ بِلاَ مَعْنَى |
وَبَالجُرْفِ.. مِنَ الأدْنَى |
فَقَضَّتْ عُمْرَهَا.. ضَجَراً |
وَمَاتَتْ.. وَحْدَهَا.. سَحَراً |
وَغَطّتْ جِسْمَهَا اللَّدْنَا |
بِلاَ كَفَنٍ.. يُوَارِيهَا |
مع النِّسِيَانِ.. |
أعْشاب!! |
ألَمْ تَرَ قَرْيَتِي.. يَومْاً |
اَلَمْ تَسْمَعْ بِمَا فِيهَا؟! |
عَلَى البُعْدِ.. وَفِي الْقُرْبِ |
هُنَالِكَ تَزْحَفُ الأَيَّامُ |
.. كَالدُّودِ.. عَلَى العُشْبِ |
وَتُسْبلُ طَرْفَهَا الأَحْلاَمُ |
.. كَالْقَلْبِ,, بِلاَ حُبِّ |
وَيَمْشِي بَيْنَها الشَّيْطَانُ |
.. مَسْلُوباً مِنَ اللُّبِّ |
يُقَهْقِهُ.. صَارِخاً فِيهَا |
وَفِينَا.. أَيْنَما كُنَّا: |
لَقَدْ سَارَتْ مَدَائِنكُمْ |
وَمَا سِرْتُمْ.. عَلَى الدَّرْبِ |
وَكُنْتُمْ فِي فَمِ الدُّنْيَا |
حَدِيثَ النَّاسِ.. وَالكَوْنِ |
فَمَاذَا يَأخُذُ الطَّاوِي |
أو الْعَارِي.. مِنَ الأَمْنِ؟ |
وَهَل تَبْقَى لَدَى الصَّبِّ |
سِوَى ذِكْرَاهُ.. في القَلْبِ |
عَلَى الأيَّام.. يَرْويِهَا |
مَتَى |
جَافَتْهُ أَحْبَابُ!! |
تَعَالَ لِقَريَتِي.. يَوْماً |
وَخَلِّ الكِبْرَ.. وَالتِّيهَا |
فأنْتَ بِدُونِهَا غَرْسٌ |
بِلاَ طِينٍ.. بِلاَ مَاءِ |
وَفِي مَاضِيكَ.. مَاضِيهَا |
بِهِ الأعْرَاقُ أَنسَابُ!! |
تَعَالَ.. فَقَرْيتِي نَهَرٌ |
مَتَى فجَّرَتَهُ.. انْدفَقَا |
وَفِي أَعْمَاقِهَا ثَمَرٌ |
إِذَا رَوَّيْتَهُ.. |
انْبَثَقَا |
وَفَوْقَ مِهَادِهَا قَدَرٌ |
إذا راعَيْتَهُ.. انْطَلَقَا |
فَكَانَ الْفَارِسَ الأسْمَرَ |
.. لَمْ يَطْغَ.. ولَمْ يَكْفُرْ |
نَمَتْهُ التُّرْبَةُ الْخَضْرَاءُ |
.. لِلْعَالَمِ.. بُرهَانَا |
فَسَوَّاهُ عَلَى التَّارِيخِ |
.. للتَّارِيخ.. إِنْسَانَا |
فَلَمْ يَنْسَ لَدَى القَرْيَة |
.. أيَّاماً لَهُ فِيهَا |
تَعِيشُ الشِّعْرَ.. لِلْشِّعْرِ |
وَمَا غَابَ.. كَمَنْ غَابُوا!! |
تَعَالَ.. لِقَرْيَتِي.. يَوْماً |
فَفِيهَا الدَّفُّ.. والطَّيَرانْ |
وَفَوقَ الرَّملِ.. لاَ يُحْصَى |
صَلاَةٌ حُرَّةُ الوُجْدَانْ |
فَإِنْ شِئْتَ.. فَفِي المَسْجِدِ |
.. تَرتِيلٌ.. وَقُرْآنُ |
وَعَبْرَ الحَقْلِ.. وَالْمِحْرَاثِ |
.. مِنْ دُنْيَاك أَلْوَانُ |
إذَا مَا شِئتَ.. تَرْفَيهاً |
تَوَارَى.. دُونَهَ.. الْعَابْ |
فَفِيهَا اللَّيْلُ.. صَوْمَعَةٌ |
وَفِيهَا البَدْرُ مِحْرَاب |
أَلَمْ تَرَ قَرْيَتِي.. يوماً |
أَلَمْ تَسْمَعْ بمَا فِيهَا؟! |