شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ألم تَرَ قَريتي.. يَوماً؟!
إلى كل مواطن.. ومسؤول:
أَلَمْ تَرَ قَرْيَتِي.. يوماً..
أَلَمْ تَسْمَعْ بِمَا فِيهَا؟!
مِنَ النّعْنَاعِ.. والريحانِ.. لِلعِطْرَةِ.. وَالْحِنَّا
إلَى الْعُصفُور.. إنْ زَقْزَقَ.. والقُمْرِي.. إِذا غَنَّى
وَقَدْ دَارَتْ سَوَاقِيهَا..
لَدَى إشراقَةِ الفَجْرِ..
وَهَبَّ الطَّوْدُ.. وَالغَابُ!!
أَلَمْ تَرَ قَرْيَتِي.. يَوْماً
أَلَمْ تَسْمَع بِمَا فِيهَا؟!.
لَقَدْ غذَّتْكَ مَرْعَاهَا
وَأغْنَتْكَ بَوَادِيهَا
بِمَا تَجْلبُ مِنْ ضَأنٍ
وَمِنْ تَمْرٍ.. وَمِنْ جَمْرِ
وَلَكِنَّكَ لَمْ تَدْنُو
وَلَمْ تُصْغِ.. وَلَمْ تَرْنُو
إِلَى مَاضِيكَ.. مَاضِيهَا..
فَلاَ تَعْرِفُ مَنْ نَحْنُ
إِذَا جِئْنَا.. وَإِنْ رُحْنَا
وَلاَ القَرْيَةَ تَأتِيهَا..
كَأَنَّا عَنْكَ أغْرَابُ!!
هُنَالِكَ قَرْيَتِي نَامَتْ
عَلى سَفْحٍ.. بِوَادِيهَا
بِهِ الإنسَانُ كالمِحْراثِ.. مَكْدُودٌ.. إِذَا أَنَّا
وَقَدْ جَفَّتْ رَوَابِيهَا
لَدَى السَّهْلِ.. وَفي الوَعْرِ
وَكَلَّ الظِّفْرُ وَالنَّابُ!!
وَرُبَّة زَهرَةٍ نَبَتَتْ
عَلَى جُرْفٍ.. يُحَاذِيهَا
يَكَادُ الشَّوْقُ يَحْرِقُهَا
وَوَخزُ الشَّوْكِ
يُدمِيهَا
فَلاَ ثَغْرٌ يُقَبِّلُهَا
وَلاَ نَايٌ.. يُسَلِّيهَا
لَقَدْ عَاشَتْ.. كَمَا عِشْنَا
لَدى السَّفْحِ بِلاَ مَعْنَى
وَبَالجُرْفِ.. مِنَ الأدْنَى
فَقَضَّتْ عُمْرَهَا.. ضَجَراً
وَمَاتَتْ.. وَحْدَهَا.. سَحَراً
وَغَطّتْ جِسْمَهَا اللَّدْنَا
بِلاَ كَفَنٍ.. يُوَارِيهَا
مع النِّسِيَانِ..
أعْشاب!!
ألَمْ تَرَ قَرْيَتِي.. يَومْاً
اَلَمْ تَسْمَعْ بِمَا فِيهَا؟!
عَلَى البُعْدِ.. وَفِي الْقُرْبِ
هُنَالِكَ تَزْحَفُ الأَيَّامُ
.. كَالدُّودِ.. عَلَى العُشْبِ
وَتُسْبلُ طَرْفَهَا الأَحْلاَمُ
.. كَالْقَلْبِ,, بِلاَ حُبِّ
وَيَمْشِي بَيْنَها الشَّيْطَانُ
.. مَسْلُوباً مِنَ اللُّبِّ
يُقَهْقِهُ.. صَارِخاً فِيهَا
وَفِينَا.. أَيْنَما كُنَّا:
لَقَدْ سَارَتْ مَدَائِنكُمْ
وَمَا سِرْتُمْ.. عَلَى الدَّرْبِ
وَكُنْتُمْ فِي فَمِ الدُّنْيَا
حَدِيثَ النَّاسِ.. وَالكَوْنِ
فَمَاذَا يَأخُذُ الطَّاوِي
أو الْعَارِي.. مِنَ الأَمْنِ؟
وَهَل تَبْقَى لَدَى الصَّبِّ
سِوَى ذِكْرَاهُ.. في القَلْبِ
عَلَى الأيَّام.. يَرْويِهَا
مَتَى
جَافَتْهُ أَحْبَابُ!!
تَعَالَ لِقَريَتِي.. يَوْماً
وَخَلِّ الكِبْرَ.. وَالتِّيهَا
فأنْتَ بِدُونِهَا غَرْسٌ
بِلاَ طِينٍ.. بِلاَ مَاءِ
وَفِي مَاضِيكَ.. مَاضِيهَا
بِهِ الأعْرَاقُ أَنسَابُ!!
تَعَالَ.. فَقَرْيتِي نَهَرٌ
مَتَى فجَّرَتَهُ.. انْدفَقَا
وَفِي أَعْمَاقِهَا ثَمَرٌ
إِذَا رَوَّيْتَهُ..
انْبَثَقَا
وَفَوْقَ مِهَادِهَا قَدَرٌ
إذا راعَيْتَهُ.. انْطَلَقَا
فَكَانَ الْفَارِسَ الأسْمَرَ
.. لَمْ يَطْغَ.. ولَمْ يَكْفُرْ
نَمَتْهُ التُّرْبَةُ الْخَضْرَاءُ
.. لِلْعَالَمِ.. بُرهَانَا
فَسَوَّاهُ عَلَى التَّارِيخِ
.. للتَّارِيخ.. إِنْسَانَا
فَلَمْ يَنْسَ لَدَى القَرْيَة
.. أيَّاماً لَهُ فِيهَا
تَعِيشُ الشِّعْرَ.. لِلْشِّعْرِ
وَمَا غَابَ.. كَمَنْ غَابُوا!!
تَعَالَ.. لِقَرْيَتِي.. يَوْماً
فَفِيهَا الدَّفُّ.. والطَّيَرانْ
وَفَوقَ الرَّملِ.. لاَ يُحْصَى
صَلاَةٌ حُرَّةُ الوُجْدَانْ
فَإِنْ شِئْتَ.. فَفِي المَسْجِدِ
.. تَرتِيلٌ.. وَقُرْآنُ
وَعَبْرَ الحَقْلِ.. وَالْمِحْرَاثِ
.. مِنْ دُنْيَاك أَلْوَانُ
إذَا مَا شِئتَ.. تَرْفَيهاً
تَوَارَى.. دُونَهَ.. الْعَابْ
فَفِيهَا اللَّيْلُ.. صَوْمَعَةٌ
وَفِيهَا البَدْرُ مِحْرَاب
أَلَمْ تَرَ قَرْيَتِي.. يوماً
أَلَمْ تَسْمَعْ بمَا فِيهَا؟!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1674  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 231 من 283
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.