وتكلَّم التاريخُ.. لا يَتَحيَّزُ |
وعَلا بهِ الصوتُ المَهيبُ الأميزُ |
يُصغي له المُسْتَقْرِئُ المُتَمَهِّلُ |
ويعيبه المُتَفَرِّزُ.. المتعجِّلُ.. |
واللهُ أعْلى.. بالجَلالْ |
والله أصدقُ.. بالمقالْ: |
لا تَأمنُوا. إلاّ لمن تَبع الصِّراط.. بدينكم |
فالكفرُ صِنْوُ الكفرِ.. في يومِ اللِّقَاءْ |
وبدونِكم.. في صفِكم.. بأكفِكمْ.. |
لن تَبلغُوا ما تشتهون.. على المدى |
إلاَّ بفضلِ زُنودِكم.. ويقينِكمْ |
واللهُ صادقُ وعدِهِ.. |
للمؤمنين الأوْفِيَاء.. |
لا للمُصدِّق وعد من جافَى السَّمَاءْ |
ولنا به.. كلاًّ مشى.. |
كلُّ الرجاءْ |
والنَّارُ بين كُبودِنا.. لا تُطْفَأُ |
وسنَلتقي!! |
والصبرُ ـ والإيمانُ ـ والعزمُ الأبِيُّ |
سلاحُنا.. والمبدأُ! |
* * * |
وتكلَّم التاريخُ.. |
عن أيَّامِنا.. تَتَلألأُ |
وبيومِنا ألْوى.. على أعقابِهِ |
في بابِهِ.. مُتوكِّئاً.. يَتَلَكَّأُ!. |
* * * |
وتَلَجْلَج التاريخُ.. مُعْوجَّ اللِّسانْ |
وأشار موصولَ اللِّهاثِ.. إلى الزَّمانْ |
وإلى المكان.. طوى الرَّميمُ به الزَّميمَا.. |
مُتوثِّباً.. ومُقَلِّباً |
في سِفْرِهِ.. وبسَطْرِهِ.. |
أشْأى.. وقال مُعَقِّباً |
للحَقِّ.. للذكرى.. |
بها نَتَهَيَّأُ.. |
بَاءتْ يهودُ.. يجَهْدِها |
جَهْداً سَقيمَا |
في كُلِّ ماضٍ ظلَّ |
يَحْصُدُها.. هَشِيْمَا.. |
وبَدتْ يهودُ.. كعهدِها |
تاريخَها.. |
معنا.. قديمَا |
وغَدتْ تدِلُّ بما يُذِلُّ |
بمالِها.. عَرضاً لئيمَا |
وسَعَتْ تُليحُ.. بما يُطيحُ.. |
بأهلِها.. عِرْضاً ثَلِيْمَا |
وتَفَرَّقَتْ أيْدي سَبَا |
باسم المُمزَّقةِ.. الشَّهيدهْ.. |
وبِكَفِّها الذهبُ المُرِنُّ سلاحُه.. لا ينتهي |
وبزحفِها الجَسدُ المُبيحُ مِلاحَه.. للمُشْتَهي |
وهما ركيزتُها.. |
العتيدةُ.. والفريدهْ!. |
وتَبَعْثَر التاريخُ.. بينَهما.. رقيبَا |
وتَنَاثَر التاريخُ.. دونَهما.. كئيبَا |
وتَسَطَّر المبثوثُ منه.. لنا عجيبَا.. |
وتَجَمَّعتْ بعد الشَّتات بها القَصِيَّةُ والبعيدهْ |
وتآلفتْ بين الفُتاتِ بها الصَّليبةُ والقَعِيدهْ |
واختارتِ الدنيا الجديدةَ |
وهي الشقيةُ بالسعيدهْ |
في قَابها ورقاَبها.. بِنقابِها تَتَمَلأُ |
في خَيبرَ.. |
وَبَني المَهَالِكِ.. قَيْنُقَاعْ |
وبَنُو النَّضيرِ.. |
من المتَاعِ.. همو المُشَاعْ |
وبنو قُريظَة.. في البِقَاعِ |
بوسطِ قاعْ |
غَطَّتْهُ طيبةُ بالصِّراعْ.. |
تَلا الصِّراعْ.. |
* * * |
وبدتْ يهودُ.. كعهدِها |
تاريخَها.. |
معنا.. قديمَا |
والمؤمنون بِربِّهم.. ربَّاً عظيمَا |
والصادقون لوعدِهم.. وعداً كريمَا |
والمُخلصون لدينهم.. ديناً قويمَا |
عَبَرُوا على التاريخِ.. للأبناءِ.. جِسرا |
يرعونَه لليومِ.. للأحفادِ.. ذِكرا |
خَطَّتْ عقيدتُهم لنا.. |
مَسْطُورةً بدمائِهمْ |
مرفوعةً.. بِيَمِيْنِهِمْ |
بِيْض الرِّقاعْ!. |
* * * |
وتكلَّم التاريخُ.. قد فَاقَتْ حقيقتهُ الخيالْ |
يَرْوِي عن الأحزابِ.. أسْفَاراً طِوالْ |
في يومِهم.. وبيومِنا قِيلاً.. وقَالْ!. |
واللهُ أعْلى بالجلالةِ.. والجَلالْ |
واللهُ أصدقُ بالبَشيْر.. |
وبالنذير من المقَالْ: |
"إذْ جاؤُوكُمْ من فوقِكُمْ.. |
"ومن أسْفل منكمْ.. |
"وإذْ زاغَتِ الأبصارُ.. |
"وبلغَتِ القلوبُ الحَنَاجِر.. " |
"وتَظُنُّون باللهِ الظُّنونَا.. " |
هُنالك ابْتُلي المؤمنون.. وزُلزلُوا.. |
زلزالاً شَديداً.. " |
قرآن كريم |
وسَعَتْ قُريظَةُ بالنَّميمةِ.. |
بالدَّسِيْسَةِ.. جَهَّدهَا |
وتَحَنَّثَتْ بالإِثْمِ.. نَاكِثَةً |
هُنالك.. عَهْدَها |
ومَشَى ابنُ أخْطَب.. وابنُ مِشْكَمْ |
وتَلاهُما هُوذا.. |
وصاحبُه كِنَانَهْ.. |
للكافرين.. يُلَوِّحُون.. بِعِجْلِهِمْ |
ذهَباً.. تَضِلُّ به الأمانهْ |
وزهَتْ يهودُ.. بأنَّها |
في دارِها.. وبغيرِها |
في سِلْمِها.. وبِحَرْبِها |
أهلُ الخيانةِ.. للخيانهْ!. |
* * * |
وتَفَرَّقَتْ أيدي سَبَا |
باسمِ الرَّديفةِ.. والنَّجِيْدهْ |
بين القَبائلِ.. والقبائلُ من عَربْ |
قَطَع النسيبُ بسيفِها.. حَبْل النَّسَبْ |
وعُرى القَرابةِ.. والصَّحابَةِ.. والحَسَبْ |
وتَجَمَّع الأحزابْ!. |
وتَجَمَّع الأحزابُ.. كافرُهم.. يُعضِّدُ كافرا |
وهمو الوقُودُ.. أَتَى.. وقوداً ظاهِرا |
ويهودُ من تحتِ الستارِ.. ودونِها |
وجهاً قبيحاً للمَكْيَدةِ.. ساتراً.. أو سَافِرا.. |
وسَعَى النبيَّ!. |
وسَعَى النَّبِيُّ برهْطِهِ.. لا طاغياً.. أو آمرا |
بل.. صاحباً.. مُتَرئبّاً.. ومُشَاوِراً.. |
يَقْضِي بما أفْتَى به.. سَلْمَانُ.. |
عاش مُجاوراً.. ومُهَاجِرا |
ورقَا النَّبِيُّ بِصحْبِهِ.. |
يَمْضي بهم.. عزمُ اليقينِ بربِّهم وبربِّه |
فوق المخاوفِ.. والظُّنونْ |
والخَنْدَقُ المَحْفورُ.. في حلق المَنُونْ.. |
شَوكاتُهُ.. وشَكاتُه في الهَاجِرَهْ |
بالزَّمْهَرِيْرِ.. بلَيْلِهِ.. ببلائهِ |
بحلاوةِ الإيمانِ.. في تلك النفوس الصَّابرهْ |
يَشْدُو بها صوتُ النبيِّ الذاكرِ |
"لا عَيْش".. إلاَّ يومُ عيشِ الآخِرهْ |
فَأرْحَمْ به الأنصار.. والمُهَاجِرهْ.. |
ويُجيبُه صوتُ الجموعِ الهادرهْ |
"نَحْنُ الذين بايعُوا مُحَمَّدا |
عَلى الجهادِ.. ما بَقيْنَا أبدا |
اللهُمَّ أنت اللهُ.. تَحْمِي الحاضِرهْ!!" |
* * * |
وسَعَى نُعَيْمٌ بالدَّهاء.. وكان بِدْعُهْ |
والحربُ قد عَاشَتْ.. على الأيامِ.. خِدْعَهْ |
وتفَكَّكَتْ تلك الجُموعْ.. |
بِيَدِ الذَّكاءِ.. تَغَلْغَلَتْ وسط الضلوعْ. |
وبنو قُريظَة.. |
والرَّهائنُ فتنةٌ.. بلغتْ مَداها |
سَفَحُوا صبْيبَاتِ الدُّموعِ بَكَتْ مُناها |
هدراً.. تلاشتْ.. كالسُّوافي من ثَراها |
خطراً.. يُهَدِّدُ ذاتَها.. فيما أتاها!. |
* * * |
ويُجَلْجِلُ العَربيُّ بين ذِمَاِئِهِ.. وإبائِهِ |
بالحربْ!. |
بالحربِ.. لا يَرضَى لها.. أبداً.. بديلا |
صَرخَا بها السَّعْدانِ.. لا.. لنْ نَقْبَلا |
إلاَّ القتالَ.. ضريبَةً.. لن تُهْمَلا |
شرفاً.. نموتُ بساحهِ |
سَاحاً نبيلا!. |
وزهَا النبيُّ بصرخةِ الأحرارِ.. من أصحابِهِ |
والكلُّ حُرُّ النفسِ.. والعَزَمَاتُ مِلْءُ إهابهِ |
هَيْهَات أن يرضى الدِنيَّة.. أولاً.. أو آخرا. |
من كان بالله المعظَّمِ.. بالحَميَّةِ.. قادرا.. |
* * * |
وتَحَطَّم الشِّرْكُ العَتِيُّ.. وأدْبَرا |
في ليلةٍ سوداء.. أدبر ليلُها.. وتَحَيَّرا |
وسَفَتْ على أحزابهم.. |
غُبْرُ العَواصِفِ.. والرِّياحْ |
وتَفَرَّقوا.. نَهْب الصِّياحْ.. |
وتَمَزَّقُوا.. بَدداً.. |
وقد طَلَع الصَّباحْ!. |
* * * |
وثَوتْ قُريظَةُ.. خَائِرهْ |
وأتَتْ عليها الدائرهْ.. |
وجَرتْ على سَفْحٍ الرِّياءِ.. |
دُمُوُعُهَا.. ودماؤها |
وطَوى المُنافقُ.. بالمدينةِ.. غُلَّهُ.. |
وكأنَّ في مَخْزى يهودٍ.. ذُلَّهُ |
لم يُرْضِهِ إدبارُها.. وفَناؤها |
شَهِدَتْهُ طيْبَةُ أرضُها.. وسَماؤها |
ورواهُ.. دهراً.. عِزُّها.. وإباؤها |
ومَضَتْ.. تَقُولْ: |
وتَكَلَّم التاريخُ.. آياً.. من فُصُولْ |
في يَوْمِها |
ولِيَوْمِنَا.. |
مَهْمَا يَطُولْ |
مَهْمَا يَطُولْ!! |