طربت لحسن صنيعك الأيامُ |
ورنت لدفء ربيعك الأحلام |
وتألق السحر المعطر والنَّدى |
في راحتيك وطابت الأنسام |
وتسابقت مهج إليك كريمة |
تصفو ويوسع صفوها الإكرام |
وأطل صبح من جبينك باسم |
هو رحمة وسكينة وسلام |
يسقي النفوس وقد طوى أنفاسها |
سأمٌ وأذهب صوتها الإلجام |
وتراجعت غرر وأخمد نورها |
وهوى الطوال وطالت الأقزام |
عز الوفاء وعزَّ أن تجد الَّذي |
يدنيك إن بعدت بك الأيام |
لم يبق من خلل يطيب حيالها |
ظل وتطرب عندها أنغام |
لم يبق بين الناس ود قائم |
خلقاً ولكن صنعة وكلام |
لم يبق إلاَّ تاجر ومتاجر |
يعيا فتنطق دونه الأرقام |
بيعت كأعراض الحياة ضمائر |
وتقطعت في مهدها الأرحام |
وتناهبت رخص الحياة مواهباً |
أولى بأن يسمو بهن أنام |
كم ريع في فتن المحبة بلبل |
واغتيل في كنف الوفاق حمام |
كم أطفئت بعد الصداقة بسمة |
وطوت طيوف المولهين سهام |
وتنافرت بعد المودة أنفس |
وتناكر الأخوال والأعمام |
كم ضيعت أسر وشتت جمعها |
وجثا على غضض الأسى أيتام |
إن غبت فالدنيا ظلام موحش |
والفجر داج والضحى أوهام |
وتطل مثل الشمس تخترم الدُّجا |
ويفر تحت ضيائها الإظلام |
وتجيء مثل الغيث تنهله الربا |
وتعيد نشوة شربها الأكمام |
في راحتيك مواكب مبسوطة |
وعلى جبينك فرحة ووئام |
وتطير نحوك كل نفس حرة |
أفضى إليك بوجدها الإلهام |
فكأنها في مقلتيك كواكب |
وكأنها في شاطئيك غمام |
أمضيت في فلك الوفاء قصائدي |
وجرت تنافس ثمة الأقلام |
وغدوت أُشعل في الذرا أعلامه |
قبساً تتابع حولها الأقدام |
يطوي الثرى حلل الثراء قشيبة |
والحسن تطفىء نوره الأيام |
ويظل بين الناس معنى واحد |
هذا الوفاء تقيمه الأعلام |