هذه البلدة فيها أقربائي |
وأبي منها وخالي وانتمائي .. |
كيف أسلوها؟ أأسْلو جنّتي |
جَنّة طابت بخير الأنبياء .. |
فتحت عيْنيْ على كعبتهَا |
وارتوت من منهل النور دمائي .. |
وسَقاني الله من زَمْزَمها |
شربة أذكت فؤادي وذكائي .. |
فوق هذا الرمل من أحيائها |
كان لَهْوِي واعْتزازي وانتشائي |
كم سرحنا صحبة مختارة |
تنشد الألحان في سمع الفضاء .. |
كم شننا غارة وهميّة |
نتبارى في "قشاع" واعتداء .. |
إنّه اللهْو الذي تعشقه |
فتية الحارات أبطال اللقاء .. |
"عبد باب" "عبد مشبك" إنها |
عَزوة (المشكل) في ساح البلاء .. |
يا لها ذكرى بنفسي ما أمحت |
يا رعى الله زمان الأبرياء .. |
حارة الباب أذكريني إنني |
ذلك اليافع موفور الإباء .. |
كنت في الحارة أمشي عنتراً |
أترك الإحرام يجري من ورائي .. |
أسرع الخطو وطوراً أتهادى |
والعصا البتراء يخفيها ردائي .. |
يا لأيّاميَ ما أحلى الصِّبا |
إنها أسعد أيام هنائي .. |
يا لبشراي وهذي فرحتي |
فرحة شاعت بأهداب رجائي .. |
عودة النازح أضناه الجوى |
وانثنى يرفل في برد الرضاء .. |
ويح هذا الدهر كم جرعني |
كأسَه المترعَ من ذوب الشقاء .. |
طفت بالدنيا فما طمأنني |
غير أهلي وَصحابي الأوفياء .. |
طفت بالدنيا فما هدهدني |
غير داري في ربوع الأنبياء .. |
ما فرنسا حيثما عشت بها |
غير سجنٍ مرفدٍ من كل داء .. |
كلّ أوربَّا ظَلام دَامس |
أسود الآفاق موبوء الفناء .. |
بئس أيّامي التي ضيّعتها |
في بلاد لم يطب فيها هوائي .. |
ها أنا قد عدتُ يا أُمّ القرى |
فابعثيني بعثةً تحيى ذمائي .. |
حيث قد أرضعتني ذوب صفا |
ليتني يا أم في شرخ الصباء .. |
جددي عمري الذي ضيعته |
وانفثي العزم بنفسي ذا مضاء .. |
هَدهِديني فالنّوى لوّعني |
لوعة غالت شموخي وإبَائي |
ضمدي جرحي الذي سال دماً |
وتنزى دافقاً بالكبريَاء .. |
وأنا إن شخت لم أكبر على |
عطف أم فيه عزى وارتقائي |
إخوتي حَولي وإني بينهم |
راقص الغبطة أشدو بغنائي |
هذه البلدة فيها أقربائي |
وأبي منها وجَدِّي وانتمائي |