| ما لقلبي يهفو ويسمو الدعاء |
| مكة قصدنا ويحلو النداء |
| نفحات الهدى ترف وتذكي |
| كل شوق ويستفيض العطاء |
| بلد حبه تغلغل في النفس |
| كما انساب في الفضاء الضياء |
| فإذا انداح فالأماني عذاب |
| وكان الشعاع منه رجاء |
| مطلع المصطفى ومسرح نجواه |
| ودنيا تلفها النعماء |
| ورباها فلا تسل عن رباها |
| ما أطلّت على الربوع حراء |
| روضة المصطفى يفيء إليها |
| فإذا الأرض تصطفيها السماء |
| وإذا الوحي دفقة تمسح الجهل |
| فلا كبوة ولا استخذاء |
| وإذا بالأنام ركب إلى الله |
| مجد والوحي فيه الحداء |
| ألف لبيك خفقة القلب مدى |
| الدهر ورجع الهوى له أصداء |
| وقفة بالربوع نستعرض التاريخ |
| مجداً كما تسامى العلاء |
| وقفة تشهد الوفود على الدرب |
| اجتباها من الإله جزاء |
| أقبلت مثلما يقبل الربيع نضاراً |
| وتهادت كما تهادى النماء |
| واشرأبّت ترنو إلى مطلع النور |
| وفي النور بلسم وشفاء |
| حرم شدها فأسرعت الخطو |
| اشتياقاً كذلك الأتقياء |
| كعبة الله قصدها ومناها |
| بهر الطرف نورها الوضاء |
| وتعالى التكبير وازدحم الجمع |
| وسالت بركبها البطحاء |
| ها هنا منبع الهدى سلسبيل |
| مثلما يطلب الغبارى الظماء |
| فدعوها تشفى غليلاً وتروى |
| من خشوع وفي الخشوع الدواء |
| غاية المؤمنين سعي إلى الله |
| دؤوب تحوطه الآلاء |
| مكة هل عرفت في الكون داراً |
| رادها القلب واستباه الولاء |
| فإذا طاف في الرحاب تولاه |
| شعور من الهدى معطاء |
| ها هنا أنسه ونعمى لياليه |
| ومن طبعه التقى والوفاء |
| ها هنا المؤمنون قلب لقلب |
| واتحاد يشدهم وإخاء |
| ها هنا تشحذ العزائم للمجد |
| وترقى إرادة وإباء |
| من هنا ينهد الدعاة إلى الله |
| غيارى ويسعد الأمناء |
| من هنا المكرمات تنثر في الأرض |
| فتسمو الشمائل الغراء |
| ها هنا اليمن والحضارة ترقى |
| فإذا الناس كلهم أصفياء |
| دارة العز والهدى حرم الله |
| منار يشع منه السناء |
| بلدي مكة فدعني أناجيها |
| مشوقاً يهزني الانتماء |
| بلدي كم درجت في حرم الله |
| سعيداً وللفؤاد ازدهاء |
| يتغنى بالذكر والذكر يعلو |
| بدعاء ويستطاب الثناء |
| كل تكبيرة تشيع سمواً |
| كل حمد للقلب فيه غذاء |
| صلوات تجلو النفوس نقاء |
| طهرتها العقيدة السمحاء |
| وترى الركب كالملائكة الطهر |
| خضوعاً وقد براها الحياء |
| خشعاً للإله تعنو ولكن |
| كل نفس يشوقها الارتقاء |
| يا فؤادي حمدت فيك اندفاعاً |
| فتقدم كذلك الأوفياء |
| كلما ازددت في العبادة تزداد |
| اشتياقاً وقد جفاك ارتواء |
| نهم أنت عب ما شئت هدياً |
| تتلقى فيضاً فخذ ما تشاء |
| بلدي موطني ودارة قومي |
| كرماء يقودهم كرماء |
| وتمرّ الأجيال والخصب باق |
| آية الله أن يدوم الرخاء |
| مكة قبلة الهدى خصها الله |
| وقاراً بها يحف الرواء |
| هي كالمورد النمير إذا ما |
| جئته ظامئاً وفاض الماء |
| رحت تحسو وقد ذكرت جفافاً |
| وجفاء تريقه الصحراء |
| وجفاء القلوب أمتى من البيد |
| وفي البيد وحشة وبلاء |
| فاملأ القلب ما تشاء من الهدى |
| وقد دبّ في الفؤاد السخاء |
| أنا في مكة ويا سعد قلبي |
| في هناءٍ يحنو عليه هناء |
| وجوار البيت الحرام نعيم |
| وإلى الله يهرع الصلحاء |
| رب صن أمّتي وسدد خطاها |
| وبك المرتجى ومنك المضاء |