شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أُمُّ القرى
أأمُّ القرى يا جنة اليوم والغد
ويا زينة الماضي التليد المجدد
ترابك أندى من فتيت معطر
وصخرك أجدى من كريم الزمرّد
أعز بلاد الله في الأرض موطناً
ومولد خير الأنبياء محمد
عرفنا الهوى من قبل أن يخلق الهوى
لديك فوافيناه في خير موعد
عشقناك أطفالاً صغاراً وفتية
وزدناك أشياخاً عظيم التوجد
رويناك بالدمع السخين محبة
تنم على الوجد المكين المؤكد
فلا عزّ من يجفوك أن عزفت به
صنوف الأماني رادها شر مورد
ولا زل من يحبوك إن عصفت به
صروف الليالي من قريب ومبعد
بلاد الهدى والجود والوحي والندى
ومهد الكتاب المستطاب الممجد
أحاط بك الحجاج من كل عابد
تبتل للمعبود أو متعبد
تنادوا إلى واديك من كل سبسب
وجاؤا إلى ناديك من كل فدفد
تهادوا إلى ساحٍ كريم مطهر
تنادوا لديه من مسود وسيد
لك الله إن الله حاميك ملجأً
لكلِّ تقي مستقيم موحد
ذكرتك في لبنان والسهل ممرع
وفوق الذرى أسراب طير مغرد
ولبنان جنات حسان تورّدت
بسرب الصبايا في جمال مورد
تزين رباها كل هيفاء غادة
ويجلو رؤاها كل أهيف أغيد
ففاضت دموع العين مني صبابة
إلى كل مغنى في الحمى متغرّد
تذكرت فيك الصخر والرمل والثرى
ومأوى الصبا الريان بالحب والدد
تذكّرت سوق الليل والشعب والصفا
ومنعرج الوادي البهيج المنضد
ذكرت النقا والرقمتين أطلتا
عليه على البطحاء كالمتوجد
ورقرقت بين الأخشبين مشاعري
تفيض بشوق عارم متوقد
ذكرتك في باريس والجو ماطر
وباريس تجلو كل هم مؤيد
بلاد كأن الجن فيها تماوجت
وران عليها السحر في كل مربد
كأن الفتى فيها الفتاة تشابهاً
رواء وأخلاقاً بزي موحد
كأن المرائي في رباها تألّقت
شعاعاً، فتاهت في خضم معربد
ولكنني لم أدر ما الحس في الذي
رأيت ولم أشهده في أي مشهد
وقالوا فينَّا جنة الأرض كلها
ومنتجع الأفراح والمنتدى الندي
تصاول فيها الحسن من كل جانب
وقام عليها الفن في كل معهد
يزيّنها الدانوب شرقاً ومغرباً
وتزدان باللحن الفريد المغرّد
فطوفت فيها عانياً متشوقاً
أعالج فيها شقوتي وتسهدي
فما كان لحن يستبيني غناؤه
بأعذب من لحن الغريض ومعبد
وما هي إلاّ ليلة وصباحها
أطلّ عليها فجرها وكان قد
تذكرت فيها المروتين وأهلها
وسكانها من طائفين وسُجَّد
فعدت إليها والهوى يستعيدني
وقبلت أصحابي وعانقت عُوَّدي
وقلت لنفسي حين قربها النوى
وطاب لها المأوى مكانك تحمدي
وطابت بك النفس التي أتت غرسها
ومجلى صباها السابق المتجدد
ذكرتك والدنيا فنون تنوعت
بخير عميم أو بشر مهدد
وطفت بأوروبا جنوباً وشَمْألاً
وشرقاً وغرباً كالغريب المشرّد
حضارة دنيا لا نصيب لأهلها
من الدين والأخلاق غير التبدد
تعرّت عن الحق المجانب للهوى
وقامت على الإفك الصريح المصرّد
فمالت بهم دنياهمو نحو قاعها
ومالوا بها نحو الحضيض الموعد
حضارة أبصار بدون بصائر
تريد طريق الرشد من غير مرشد
تردّت فأردت واستهامت فأوهمت
بأوحش أفعال وأفحش مقصد
وجاءك إبراهيم يحدو بهاجر
إلى مهد إسماعيل فيك الممهّد
أقاما بك البيت الحرام حدوده
حرام على باغٍ وطاغٍ ومفسد
فيا قمّة الدنيا ويا ذروة المنى
أماناً لقلب المستهام المسهد
ويا كعبة الآمال من كل جانبٍ
ومستقبل الأجيال من كل مورد
أشاد بك الإسلام طوداً ممنعاً
تناهى إليه كل صرح مطوّد
تأمن فيه الوحش والطير والورى
فلا صيد فيه أو شراك لمصيد
وزمزم فاضت كوثراً يرتوي به
من الجمع جمع رائح بعد مفتد
تباركت يا رب العباد جعلتها
مراداً لعبَّاد مهاداً لسُجَّد
وطهرتها بالوحي والوعي والنهى
وبالكعبة الغراء أطهر مسجد
وأرسلت منها سيد الخلق داعياً
إليك فلم يغلظ ولم يتشدد
دعا الناس في الدنيا لفضل مؤبد
وبشر في الأخرى بخلد مخلّدِ
ولكنهم خابوا وعابوا واجلدوا
عليه فأعياهم بفضل التجلّد
أمين مع الروح الأمين يروده
بآي من الذكر الحكيم المؤيّد
يناجي به أصحابه ورفاقه
مناجاة مأخوذ به متزوّد
كتاب عظيم من عظيم تنزلت
بآيات آيات مجد وسؤدد
فكان غذاء الروح يجلو رواءها
وكان رواء النفس للظامئ الصدي
سلاماً رسول الله من كل مهجة
تهيم جلالاً في جداك وتجتدي
سلاماً أبا الزهراء كالزهر كالندي
كجودك بين العالمين المجوّد ..
أقمت عمود الدين كالفجر ساطعاً
ينير طريق الرشد للمترشد
وقوّمت بالقرآن والسيف أمّة
هوت في بهيم من دجى الليل أسود
وحطّمت أصناماً من الناس شيّدت
من الصخر أوثاناً لها للتعبد
طغاة بغاة خاسرين تبلدوا
على الجهل والخسران شر تبلد
وقدت الورى للخير للنور للهدى
لسعد كريم في الحياتين مسعد
تنوّرت الأجيال مذ كنت نورها
ولا زالت الدنيا بنورك تهتدي
صبرت على اللأواء والضر والأذى
من الأقرب الأدنى وآخر أبعد
وكنت عطوفاً بالصديق الذي وفى
رؤفاً رحيماً بالعدو الملدد
وربيت أصحاباً نجوماً زواهراً
تجسد فيهم كل فضل مجسد
أقاموا لدين الله صرحاً مشيداً
تدانى لديه كل صرح مشيّد
وكانوا هداة مهتدين أئمة
تخطى خطاهم كل هاد ومهتد
وسادوا فقادوا للفضيلة أمة
بأفضالهم راحت تسود وتقتدي
أسود وقد تخشى الأسود لقاءهم
منيبون بكاؤن حين التهجّد
يصلّي مصليهم فيهتز خشية
وخوفاً كغصن البانة المتاؤد
سلاماً على الصدِّيق كالورد ناضراً
على الورد في إقدامه المتوقد
سلاماً عليه ناصر الدين في الوغى
وقاهر جيش الكفر والردة الردي
سلاماً عليه ثاني اثنين إذ هما
بغارٍ قصي في العراء مجرّد
أخا المصطفى بل صهره وصديقه
وصدِّيقه الأسمى بأسمي تجرّد
تولى أمور الناس بعد نبيهم
فسدد حتى كان خير مسدد
سلاماً على الفاروق أقدم عازماً
على الفتح بعد الفتح في كل مرصد
دعوه أمير المؤمنين ولم يرد
إمارتهم إلا لجهد ومجهد
تصدّى لحرب الروم والفرس وانتضى
لهم من سيوف الله كل مهند
وقادهموا بالعزم والحزم والتقى
وبالعطف والحسنى وفرط التودد
سلاماً لذي النورين أشرق نوره
بفيض كريم النفس والوجه واليد
جواد أبو الأجواد فاضت يمينه
بخير ولم تبخل بتبر وعسجد
وأعطى فبرَّ الأكرمين عطاؤه
وزاد عطاء الطالب المتزوّد
سلاماً أبا السبطين أكرم من جلا
برازاً فلم يحجم ولم يتردد
تصبى السيوف البيض حتى تحطّمت
عليها الصفوف السود تحطيم جلمد
فلا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى
كمثل علي في الصراع المبدد
هو البحر زخاراً بعلم وحكمة
وإشعاع إيمان وفرط تزهد
عظيم كريم كرم الله وجهه
فما عبد الأصنام في أي معبد
أبو الشهداء الصيد خاضت وجوههم
حياض المنايا أصيداً بعد أصيد
نفوس تسامت للسماء كريمة
وعافت هوان الأرض في ظل معتد
كرام من الآل الكرام تدافعوا
إلى الموت من فادٍ وآخر مفتد
سلاماً على آل الرسول وصحبه
وأتباعه من ماجد بعد أمجد
فراقد لا تحصيهم العين إن بدا
لها فرقد هامت به بعد فرقد
سلاماً عليهم أول الدهر ناضراً
وآخره ضافي المفاخر سرمدي
فيا واسع النعماء يا واهب المنى
أنر لي سبيلي في غيابي ومشهدي
تخيرت لي أم القرى موطناً به
أقمت وما فارقته عن تعمد
وإني لأرجو حسن خاتمتي بها
يكون بها قبري كما كان مولدي
وعفوك أرجى للمقر بذنبه
وللمخطئ الغاوي وللمتعمد
حسين عرب
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1031  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 99 من 173
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الخامس - لقاءات صحفية مع مؤسس الاثنينية: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج