كلمة سعادة مدير عام التلفزيون |
الدكتور عبد الرحمن الشبيلي |
ما أكتبه في هذه المقدّمة ليس تعريفاً بالمؤلّف .. فالأستاذ أحمد قنديل كان وما يزال أحد القناديل اللامعة في الأدب السعودي "الشعبي منه والفصيح" بل إن الأستاذ أحمد يكاد يكون الأديب السعودي الأول الذي ساهم برغبة وصبر وتفرّغ وإجادة في أدب التلفزيون "من برامج أو تمثيليات أو قصائد" .. |
وكما ساهم في إعداد برامج التلفزيون وتطويرها سواء من حيث الأفكار أو الإعداد أو التنفيذ فإنه بهذه الملحمة الشعرية الشعبية المرحة يساهم في تسجيل تاريخ التلفزيون. وهو لخبرته ومعايشته لنشأة التلفزيون وتطوره وظروفه أفضل من يمكن أن يكتب عنه. |
كان الأستاذ أحمد قنديل في زيارة لي في شهر محرم عام 1395هـ. "يناير 1975م". وكان يتلو عليَّ بعض أبيات من قصيدة شعبية نظمها بمناسبة مرور ثلاثين عاماً على نشأة الخطوط الجوية العربية السعودية وكنا يومها في التلفزيون بصدد التفكير في الاحتفال بالذكرى العاشرة لإنشائه. لهذا فقد طلبت مازحاً من المؤلف أن يخص التلفزيون بقصيدة مماثلة ولو قصيرة. |
ويبدو أن ظروف الأستاذ أحمد قد اضطرّته للبقاء عدّة أيام في الرياض ومن بينها يوم الجمعة كما أن برد الرياض القارس ـ من حسن حظ التلفزيون ـ قد حبسه ذلك اليوم في فندق اليمامة فإذا بشاعر التلفزيون يتصل بي مساءً ويتلو عليَّ عبر التلفزيون قصيدته هذه "أنا التلفاز". |
وكما كانت القصيدة "من أساسها" مجرّد خاطرة لفكرة قصيدة لم أكن أظن أنها تتجاوز العشرة أبيات فإذا بهذه الخاطرة ـ شأنها بذلك شأن معظم البرامج التلفزيونية ـ تتطور إلى فكرة برنامج تلفزيوني يذاع بالمناسبة. ثم تتطور بعد ذلك إلى فكرة هذا الكتيب الذي ينشر في نفس عام المناسبة. |
وكان مقرراً لهذه القصيدة أن تذاع يوم الاثنين التاسع عشر من ربيع الأول من هذا العام الذي يصادف حسب التقويم الهجري مرور عشر سنوات على بدء التجارب التلفزيونية من أول محطتين للتلفزيون تقيمها الدولة في المملكة "في الرياض وجدة" لولا أن يشاء الله أن يختار عاهل المملكة فيصل الراحل إلى جواره يوم الثلاثاء الثالث عشر من ربيع الأول. ولم يكن التلفزيون أقل ألماً أو تأثراً بما فجعت به الأمة جميعها. فلقد أوقف برامجه حداداً على الفقيد الغالي وساهم بتواضع في نقل الأحداث إلى العالم. |
ولقد ولد التلفزيون ونشأ وترعرع في سني عهده رحمه الله، بل لقد كان من آخر صور رعايته للتلفزيون ومشاركته فيه إن كان من آخر توجيهاته قبل وفاته طيب الله ثراه ـ بأيام قليلة موافقته على الاحتفال بالمناسبة وعلى إصدار طابع تذكاري بهذه المناسبة ـ وإذا كان التلفزيون قد نشأ في العشر السنوات من عمره نشأة أخلاقية محافظة فإن الفضل لذلك كله لله ثم لطبيعة رسالته السماوية الخالدة ثم لتربية الفيصل. |
ولأن التلفزيون كله فكرة وتنفيذاً ثم تطوراً أحد مآثر الفيصل الراحل فلقد حرص التلفزيون رغم الفاجعة ألا تمر الذكرى العاشرة لإنشائه دون أن تقال كلمة حق عما قدمه رحمه الله في هذا السبيل. بل إن هذه الكلمة الحق أصبحت لازمة بعد وفاته أكثر منها من قبل وفاته. ولذا فقد أذيع البرنامج يوم الثامن من رجب من هذا العام "السابع عشر من يوليو تموز 1975م" المصادف الذكرى العاشرة للمناسبة حسب التاريخ الميلادي. |
وإن العزاء كلّه والأمل كلّه أن خليفة الفيصل قد اتبع نهج الفيصل .. وجاء بنفس الحرص والعزم على أن تسير حياتنا ـ بأصولها وفروعها ـ وفق خلق الإسلام العظيم. |
ولقد بدأ التلفزيون ـ شأنه شأن المؤسسات الأخرى ـ هذه المرحلة القادمة من عمره وهو أكثر ما يكون عزماً وثقة وحرصاً على أن يسترشد من توجيهات جلالة الملك خالد بن عبد العزيز وولي عهده فهد بن عبد العزيز وفقهما الله ورعاهما النابعة من تعاليم الدين الحنيف ـ ما يجعله إن شاء الله قنديلاً ومناراً للخير والهداية والإصلاح. |
وإذا كان الأستاذ أحمد قنديل قد استعرض بأسلوبه المرح لمحة سريعة عن التلفزيون تناول فيها نماذج البرامج التي مرّت في التلفزيون منذ إنشائه فإنني أرجو أن يتمكّن التلفزيون مستقبلاً بمساعدة أدباء بلادي من ترجمة قصة التلفزيون والظروف الاجتماعية والفكرية التي أحاطت به منذ بدأته ومدى تأثيره وتأثره سلباً أو إيجاباً بالمجتمع السعودي. فإن شيئاً قليلاً جداً في تاريخ التلفزيون قد عرف وما لم يسجل هذا التاريخ من قبل معاصريه فإننا نكون قد أغفلنا جانباً أساسياً من حياتنا حيث كان التلفزيون وما يزال مرآة للبيئة التي يعيش فيها. |
|
|