الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

الْجَزِيرَةُ.. وَيَهُوَذا..

إنَّهَا أُمَّةُ الْجَزِيرَةِ في الْبَأْسِ..

تُلاَقي بِالْبَأْسِ مَنْ لاَقَاهَا

لَمْ تَخُنْهَا في الْيَوْمِ ذَاكِرَةُ الأَمْسِ أَشَعَّت في وَمْضَةٍ ذِكْرَاهَا

فَيَهُودُ الأُوَلى تَمَادَوا جُنُوناً

وَعِدَاءٌ.. لَمْ يَبْرَحُوا أَعْدَاهَا

مُنْذُ أَجْلَتْهُمُ: خِشَاشاً تَجَارَتْ

أَوْ تَوَارَتْ رَؤُوسُهَا في كُوَاهَا ⁽¹⁾

الصَّيَاصِي لَمْ تَحْمِهِمْ عَنْ مَدَى

السَّيْفِ مَدِيداً يَطُولُ مَنْ عَادَاهَا

مُنْذُ جَبَّتْ بِسَيْفِهَا مِنْ يَهُوذَا

رَأْسَ أَفْعَى تَخَشْخَشَتْ بِثَرَاهَا

بُؤْرَةً لِلْفَسَادِ.. جُرْثُومَ شَرٍّا

قَدْ سَرَى في عُرُوقِهَا.. في دِمَاهَا

فَبَنُوهَا: بَنُو النَّضِيرِ بَنُوهَا

قَيْنُقَاعاً.. قُرَيْظَةً كسِوَاهَا

دَرَجُوا في الْقَذَى طَبِيعَةَ لُؤْمٍ

لَمْ يُزَايِلْ يَهُودَ في أَقذَاهَا

كَبَنِيها في خَيْبَرٍ.. وَاحَةِ الْخَيْرِ..

تَنَاسُوْا أثْمَارَهَا.. وَجَنَاهَا

فَمَشَوْا بِالأَذََى يُرِيقُونَهُ الأَمْسَ..

كَمَا الْيَوْم نَاضِحاً بِإِنَاهَا

لَمْ يُرَاعُوا إلاَّ.. وَلَمْ يَحْفَظُوا الذِّمَّةَ دَأْبَ الْيَهُودِ طُولَ بَقَاهَا

أُمَّةٌ فَصَّلَ الْكِتَابُ.. وَأَفْشَى

سِرِّهَا.. طَبْعَهَا.. طَوِيلَ أَذَاهَا

النَّبِيُّونَ لَمْ تُنَزِّهْ خُطَاهُمْ

أَوْ دِمَاهُمْ عَلَى الْمَدَى مِنْ مَدَاهَا

فَسَلاَمٌ عَلَى النَّبِيِّ.. وَقَدْ طَهَّرَ

أَرْضَ السَّلاَمِ مِنْ مَسْعَاهَا ⁽²⁾

وَالتَّحايَا لِصَحْبِهِ.. يَوْمَ أَجْلَتْ

عَزَمَاتُ الْفَارُوقِ بُقْيَا غُثَاهَا

فَاسْتَقَرَّتْ دُنْيَا الْجَزِيرَةِ فَاءَتْ

في ظَلِيلِ مِنْ أَمْنِهَا وَرَخَاهَا

لاَ تُبَالي.. لَنْ تُغْمِضَ الْعَيْنَ.. لَنْ تَغْمدَ سَيْفَ الإِسْلاَمِ في يُمْنَاهَا ⁽³⁾

إِنَّهُ في الْمَدَى الطَّوِيلِ سِلاَحٌ

رَادِعٌ غَيَّهَا.. إذا مَا نَصَاهَا

مَاحِقاً.. لاحِقاً.. طَوِيلاً مَدَاهُ

إنْ تَمَادَتْ في زَهْوِهَا وَازْدِهَاهَا

تَحْتَمِي خَلْفَ مَنْ رأى الْكَوْنَ..

وَالنَّاسَ رُعَاةً لأَمْرِهِ مَا رَعَاهَا

لَيْتَهَا.. لَيْتَ أمَّةُ الْهَدْيِ عَاشَتْ

رُوحَ إيمانِهَا.. بِقَلْبِ هُدَاهَا

فاسْتِجَابَتْ لِقُدْسِهَا.. بُحَّ صَوْتاً

بَيْنَ أقْدَاسِهَا اسْتُبيحَ حِمَاهَا

* * *

[1]	الخشاش: حشرات الأرض ـ العصافير ونحوها والصياصي: الحصون وكل ما يمتنع به ـ وجَبَّ الشيء: قطعه ويهوذا: المقصود به يهوذا الأسخريوطي الخائن الذي سلّم المسيح لخصومه.. وهو لقب يطلق على اليهود عامة كخونة ـ وتخشخش.. بين الشجر أو القوم: دخل.. وغاب والبؤرة: الحفرة ـ والجرثوم ـ والجرثومة.. ج جراثيم: من الشيء: أصله.. وتستعمل عصرياً للدلالة على الميكروب ـ وبنو النضير ـ وبنو قريظة، وبنو قينقاع ـ وسواهم ممن كانوا يسكنون المدينة المنورة وما حولها ـ لم يراعوا العهد المكتوب بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم.. فتم اجلاؤهم ولكل من هؤلاء واقعة معروفة ـ بكتب السيرة التفصيلات الكافية ـ.
[2]	إشارة إلى قيام الرسول بإجلائهم عن الجزيرة العربية ـ أي بالأخص عن المدينة المنورة وما حواليها ـ ككل مجتمع ـ وإلى قيام الفاروق ـ عمر بن الخطاب بإجلائهم عن آخر مكان كانوا به وهو ((خيبر)) حيث تم ذلك في خلافته ـ وكان التمهيد الأول له محاصرة النبي لهم.. ونفاذ أحكام الانتصار عليهم ـ وذلك مفصل في مراجعه ـ بُقْيَا: مفرد بقايا: أي ما تبقَّى.. والغُثَاءُ: البالي من ورق الشجر المخالط زبد السيل ـ الزَّبَدُ.
[3]	لا علاج للصهيونية القائمة على التعصب الديني ـ واليهودية كَمِلَّةْ ـ وكأساس إلا بمقارعة ((الإسلام)) لها.. كدين سمح قويم ـ لا يسمح بالتطاول العنصري ـ وإنما هو إنساني في أبعادِه.. وفي استهدافه.. كدعوة دينية إنسانية.. محق كل ظلم ـ وتعصب ـ واعتداء ـ وذلك واجب الأمة الإسلامية جمعاء ـ لا الأمة العربية وحدها ـ ولعلّ في تحرك دعوة التضامن الإسلامي ـ وبها الذات العلاج الحاسم.