حيِّ أم القرى أتينا إليها |
خشعنا خشعاً نمد القلوبا |
ظامئات إلى الجلال عليا |
خافقات مع الجمال طروبا |
حائمات كالطير للمنهل العذ |
ب ترامت صوباً ورامت وثوبا |
ترتجيه لدى المنازل ريا |
تستقيه فضل الدلاء صبيبا |
بعد نأي أذوى النفوس حنينا |
بعد لأي أذكى الحنين لهيبا |
رب إيماءة أرق من الفجـ |
ر نسيماً ومن هواي دبيبا |
جمعت بيننا الصباح محباً |
قد تناهى غرامه وحبيبا |
في لقاء قد جمَّع الأمس |
واليوم ضروباً من عمرنا وضريبا |
وأنا العاشق القديم جديداً |
شفه الوجد غربة وغريبا |
في هواك المكنون ما مسه |
البعد انتقاصاً ما نال منه نضوبا |
إنما أنت ((مكّة)) في مسمَّا |
ك. بعيداً عن عيننا.. وقريبا |
أنتِ منَّا حياتنا صغت منها |
حبنا البكر صيغ فيك ربيبا |
قد ألفنا منك القديم تليدا |
وعشقنا بك الجديد قشيبا |
واعتنقنا التاريخ فيك زماناً |
ورجالاً وقسمة ونصيبا |
فاصطفينا التاريخ خير نسيب |
واجتلينا بك الزمان حسيبا |
وألفنا فيك الحياة هجيراً |
وغيوماً ونسمة وهبوبا |
المحبون في حياتك عاشوا |
للهوى الحلو ذائباً ومذيبا |
والمصلون والحمائم تسعى |
بين أعيانهم أطالوا النحيبا |
والملبون في رحابك جاؤا |
أبد الدهر يطرحون الذنوبا |
منذ عهد الخليل أرسي لنا البيـ |
ـت قلوباً نهفو له وشعوبا |
مستطيب المقام للـه ما مل |
مقاماً بل طاع للـه حوبا |
وتولى وأهله بين واديك |
غراس زكي فكان خصيبا |
مستحب الأعراق فجَّره الحق |
معيناً من زمزم محبوبا |
وتوالي رغم الهجير نداءً |
وحداءً شق الصخور دروبا |
منذ عهد الحبيب طه حبيباً |
ونبياً وهادياً ودؤوبا |
وأميناً في أهله وأريباً |
وحفياً بقومه وأديبا |
وصبورا أصغى له الصخر والز |
رع منيباً لسؤله ومجيبا |
ناثراً وحيك المرتل هدياً |
ناشراً حبك العظيم رغيبا |
مسلماً للهوى بقلبك قلباً |
عاش ذكراك صبوة ووجيبا |
في مغانيك من خطاه أريج |
ملأ الأفق والعوالم طيبا |
في معانيك من سناه ضياء |
ظلل الكون جيئة وذهوبا |
يا عيون الماضي أطلت مع الفجر |
بقلبي مشرداً منهوبا |
بين أجبالنا على السطح بالسـ |
ـفح بواديك مشرقاً وغروبا |
ها أنا الآن ذرة بين ذراتك |
حساً موهجًّا مشبوبا |
أتملّى فيك الحياة وأُملي |
من حياتي نصيبها المكتوبا |