نسائِمَ فجرِ الحب طوفي ورفرفي |
بقلبي ولا تخشي اللظى المتوهجا |
وقيتك من نار القلوب وإن تكن |
إليها من الدنيا أحب وأبهجا |
لها اللَّه ناراً أشعل الحسن نورها |
سبيل هدى للعاشقين ومرتجى |
ووقَدها نفح الأماني فما خبت |
ضراماً وإحساساً وقصداً ومنهجا |
فكانت لظىً لا كاللظى جَل وقدها |
سنىً وسناء بالِغين بنا الرجا |
لظى ذات معنى لابس الروح ضَوؤها |
وقد شاع ممتد الجوانب أبلجا |
فكان المنى في سكرة الحس دافقاً |
وكان الهوى في خفقة القلب لاعجا |
وكان الجوى في حرقة الوجد لاذعاً |
تندى الأسى في وقدة أو توهجا |
وكان الهوى في ومضة الفن لامعاً |
رقيق الصدى بالنور والحسن لاهجا |
وكان من العمر الهنيء ربيعه |
حياة وأحلاماً وفجراً تبلّجا |
فيَا لكِ من رفرافة ينفحُ الهوى |
بِأعطافها عَرْفَ النفوس مؤرجا |
فِدَاك حمى القلب الذكي فعطري |
برياك رياهُ الشذِيَ المؤججا |
فلا عاق مسراك المُجَنحَ عائق |
وإن قصرت عن شأوه صولة الحجى |
ولامس مهديك الأذى يا ابنة الهوى |
وقد رف في صدر الحبيب ولجلجا |
حنانيك يا روْح النفوس فلم يزل |
مطافك إشراقاً ويومك سجسجا |
ورحماك إن مدّ الغرام رواقه |
بمسراك في القلب الشجي وأدلجا |
فليل الهوى يا فرحة القلب مارد |
عتي تناهى فيه في هوله الدجى |
ويا نسمات الحب في فجر ليله |
تباركت إن أمسى وبوركتِ إن دجى |
رعى اللَّه من أهداك في غفلة النهى |
إلينا وأهدى قلبه منك مخرجا |
فما زال كالزهر النضير مفوفاً |
وكالضوء رفاف الهباء مموجا |
وإن بات ملء العين رياً وفتنة |
وسحراً نماه السحر حسناً مفلجا |
هداكِ وقد اُهديته قبلُ باسماً |
إليّ، إلى القلب الذي كان مرتجى |
وأغفى وقد أجرى الدلال بمهجتي |
وفي خاطري مجرى الجفاء فأنهجا |
أفانين وصل عودتنا فتونَها |
طرائقُ حسنٍ ما أدنى أو تبرجا |
فرقَّ ولم يسمح ودلّ ولم يصلْ |
كلا حالتيْ وجدٍ يطيل التأججا |
فيا للقضا! في سخره ومضائه |
وإبرامه أمراً بأمر تولجا |
ويا للهوى! من عاشق أي عاشق |
براه الشجى البادي فأغرم بالشجا |
يجور علينا في الغرام وليته |
إذا جار من يهواه من جوره نجا |
وليت الذي أصباه لم يك مبدياً |
له التيه إن ألوى وإن هو عرّجا |
ويا ليته أصغى فأرضاه عاشقاً |
رقيق الهوى رق الهوى أو تحرجا |
أجل يا حبيبي! إنني الآن مشفق |
عليك إذا ليل الغرام بنا سجا |
بنا جلدٌ يقوى على حَرَج الهوى |
وقلبك لا يقوى إذا هو أحرجا |
وجفنك هل يقوى على السهد والأسى |
بأهدابه الكحلاء واللحظ أدعجا |
وثغرك، من للثغر يهتز صادياً |
وزفراتك الحرّى تصاعد في الدجى؟ |
وصوتك سحري الأغاريد من له |
إذا غص بالنجوى أسى أو تهدجا؟ |
وعينك، ماذا حال عينك إن رأت |
على الخدّ دمع البين فيها ترجرجا؟ |
تُراها وقد ريعت بمسبل دمعها |
على الخد مدراراً همى وتدحرجا |
زَوَت لحظها كِبراً فجفف دمعها |
ضياء جمالٍ قد زها وتموجا |
وصولة حسن ما استقامت لعاشق |
سواك وقد أنميت زهراً مؤرجا |
وثورة قلب في القلوب محكم |
يُرى عانياً مستأسر اللب والحجى |
أم ارتاض للسحر الخفي دلالها |
فذلّله حكم الهوى إذ تنفجا؟ |
نعم إنها دنيا الهوى في اعتسافها |
فهذا الهوى ما زال أرعن أهوجا |
ولكن دنيا الحسن أعنف ثورة |
وآنف إعزازاً وأقوم منهجا |
فيا ليتها لما كواكَ بناره |
هواك وابدى كِبره المتنفجا |
أعاذتك مما هد قلبي وخاطري |
وأعفتك من هول يضيق به الرجا |
حبيبي وها بيني وبينك في الدجى |
صِلاَتُ الهوى العاتي نما وتأججا |
ومد إلى قلبي وقلبك كفه |
فأردى وأضوى ثائراً ومضرجا |
فبتنا سميريْ صبوة ما تلاقيا |
وإن تخذا مرقى الصبابة معرجا |
أطِلّ على كوني الصغير مرفرفاً |
وأشرق يشرق بك الكون والدجى |
وأهدِ إلى فني الرقيق وقد شدا |
بدنياك فناً رائع اللحن مبهجا |
هو الفن هذا زاخر العمق ناصعاً |
إذا رام أعلاق المعاني ودبجا |
مُغذاً إلى دنيا النفوس ونبضها |
خيالاً قوياً لا كسيحاً تعارجا |
ولا مقعياً في وهدة القحف والكوى |
تعثر في سفح الضلالة دارجا |
يزجيه سيال اليراعة شاعر |
فتي القوى لا قزمة قد تنفجا |
ولا ضاوياً كهلاً إذا راح فكرة |
وقد قالها يوماً كبا وتلجلجا |
فيها أيها الباكي المطل من الكوى |
على ليله الداجي كفاك ضنى الوجى |
ويا أيها الشادي المرفرف قلبه |
بدنيا الهوى هيمان حيران لاهجا |
إليّ، إلى دنيا القلوب وفنها |
وطر فالهوى والحسن فيها تمازجا |
فإن كنت في عرش الجمال مملكاً |
فقد بت في عرش الغرام متوجا |