ما الذي فيك يا مُعِيداً إلى القلب صباه من بعد أن عاد كهلا؟ |
ما الذي فيك يا مُزِفاً إلى الصب حياة جديدة لن تُمَلا؟ |
والذي تعبس الحياة إذا غاب وتبدو بَسّامَة إن اطلا |
كل ما فيك فاتن يعجز اللفظ إذا رام للذي فيك حلا |
وإذا شاء أن يحدد معناك تناهى فما يكاد يُبين |
في البريق الذي يُضيءُ بعينيك معانٍ كثيرةٌ لا تسمّى |
ملؤها السحر والدلال وشيء |
لست أدري لِمعْنييه مُسمى |
فهو نور يهدي القلوب إليه |
وظلام يصيّر العقلَ أعمى |
كلما امتد من معانيه ضوء |
كان قلبي لذلك الضوء مرمى |
فإذا قلتُ ما الذي فيك من بعد تراءى هذا الخفيّ المبين |
والحديث الذي يسلسله ثغرُك هذا إذا تدفّق سحرا |
أفتدري ما فيه يا أيها العابث باللفظ إن تخيّر أمرا؟ |
فيه لحن محبب عبقري |
ونداء حلو دنا واسْتَسرّا |
سمعته روحي فمدت له السمعَ وأغْفتْ من بعد ذلك سكرى |
فهو ماذا؟ أكانت الخمر في لحنك؟ كلا! فما رأتها العيون |
ثم هذا الثغر المنسّق هل تعرف أيضاً الا شبيه إليه؟ |
إنه لَلحَيَاةُ تأخذ بالعين وتخفي في منتهى شفتيه |
فيه ماء يجري هناك ولا ماء وحس يسري على جانبيه |
لم تكن وردة الربيع إذا قيس إليها شيئاً يُقاس عليه |
لا ولا صورة الثغور فهذا |
فيه روح وتلك فيها سكون |
كل هذا يا فاتني بعض ما فيك فما فيك كان أكبر شأنا |
بيد أن الشيء الخفيّ على العقل بما فيك لم يزل دون معنى |
فهو روح يعصى على الفكر معناه وان لابس الفؤاد المعنّى |
هو في القلب فرحة وخفوق |
إن تبدّيْتَ باسماً أو تمنّى |
وشجون وحسرة إن تغيّبْتَ عن القلب واعتراه الأنين |
فهو ماذا يكون هذا الذي تربط قلبي به إليك ضلالا؟ |
لا تقل إنه الجمال وما يفعل فيمن على الجمال تعالى |
لا ولا تدعيه وِدًّا به الناس على غيرها تُصيب الكمالا |
ليس أمر الجمال والود إلا |
متعة تنقضي وإلفاً تغالى |
فتفنن في الظن ينكشف الأمر فيا طالما تُصيب الظنون |
أتراه تفتّقَ الورد في الفجر عن الكمّ يزدري الكم سجنا؟ |
أم تراه تشابك الغصن في الدوح إذا الغصن فيه جاذب غصنا؟ |
أم تراه تلفّت الطير للطير إذا شاء أن يؤلف لحنا؟ |
أم تراه يا فاتني لذعة الحب فللحب لذعة ذات معنى؟ |
لذعة تسكن الفؤادَ فيهتاج وتطغى على النهى فيهون |
إنه الحب في اصطلاح بني آدم من يوم أن رأى حواء |
فهو سر الوجود في الورد والطير وفي الغصن يستظل السماء |
وسبيل الحياة للقلب والقلب إذا كانت القلوب ظِماء |
وغذاء الأرواح إن جاعت الروح وطافت به تريد الغذاء |
وخيال الدنيا إذا انهزم العقل لديها وقدّسته الفنون |
إنه الحب يا حبيبي وحسب الروح منه خيالُه وَرُؤاها |
هو أُكْذوبةُ الحياة على الناس إذا مدّت الحياة خُطاها |
وإذا زخرف الخيال حواشيه ونمّى أطرافها وزهاها |
فاستحالت معناه في الفكر لغزاً لا تنال الأفكار منه مناها |
فلتكن أنت يا حبيبيَ مفتاحاً لذا اللغز وليكن ما يكون |
حسبُ قلبي أن يستهيم بما فيك وعيني أن تجتلي مرآه |
ولتعشْ أنت يا حبيبيَ مصباح فؤاد ذاق الهوى ورآه |
وليهم عقلي الصغيرُ ضلالاً في الدياجي مُستنطقاً معناه |
ولتكن حيرتي الكبيرةُ للفن وَقُوداً هيهات تخبو لظاه |
فإذا قلتُ مرةً ما الذي فيك؟ فَاني بالسر فيكَ ضنينْ! |