مهلاً! فإن هواك زال من الفؤاد |
وقد استحال ضرامه الذاكي رماد |
وغدا بكهف النفس ذكرى لحظة |
لا يستقيم بها لدى النفس المراد |
يا فاتنيِ قِدْماً، ومن جمح المنى |
بخياله الواني، غروراً واعتياد |
ومن ابتغى فن الدلال وليس في |
فن الدلال المستعار سوى جماد |
ومن امترى في الحب تذكيه الطبيعة، وحدها، لا ما يظن وما يراد |
يا أيها العقل المجدد في الهوى |
طرق الهوى، حتى أضل بها الرشاد |
ومن ارتضى طبع الفتور إثارة |
للحب يرجو منه في القلب اتقاد |
ومن اغتدى يفتنّ في كنز الولا |
ء، بما يؤول به إلى شر الكساد |
ومن استقام، فلا عرام، ولا حيا |
ة، سوى البرودة لا تطاق ولا كياد |
ومن اشتهى سمت الوقار ترفعاً |
عنا، فكان له بذلك ما أراد |
إني سلوتك، والسلو براءتي |
ممن شقيت به، كما شقي الفؤاد |
فأفقت من كابوس حبك بالسلا |
مة، من هواك ودونها خرط القتاد |
وفرحت بالدنيا يضيء بها الغرا |
م، وكنت أسبح من غرامك في سواد |
وكرعت من حبي الجديد، وما يفيض به الهوى حلو المنى، حلو الوداد |
فنعمت بالأيام تزخر بالحلاوة في اللقاء، وفي الوصال، وفي الرقاد |
فاليوم لا قلب يضيق، ولا أسى |
يطغى به الوجد العتيق ولا سهاد |
فاقصد بفنك في الهوى من لم يذق |
فيه التجارب منك ليس لها نفاد |
وافجع بحبك عاشقاً غير الذي |
فجعته فيه وفيك أهوال شداد |
واصدع بصدك مهجة غير التي |
كانت تطيل مداه إيثار العناد |
واجعل لتيهك في غرورك غاية |
أولا! فإنك هزأة بين العباد |
أما أنا فلقد لقيت من التجا |
رب في هواك كفاية لن تستعاد |
أيام كنت بعين قلبي كالملا |
ك وحولك الأحلام تنسج أو تشاد |
أيام كانت في حديثك نغمة |
محبوبة، يحلو لسمعي أن تعاد |
وبلحظك الفتّان رنوة ناعس |
حفلت لواحظه بكل منى تراد |
وبثغرك الرفاف بسمة فاتن |
نور الحياة يشع منها في الفؤاد |
وبجوك السحري نفاح الشذا |
دنيا أهيم بكونها في كل ناد |
أيام كنت ولا أعدد كيف كنت، فقد رجعت كما أريد، ولا افتقاد |
فاليوم أنت، وإن بدوت مهذباً، |
فرد كأي الناس عدت فلا ازدياد |
لا مثلما شاء الهوى الخاوي من الطبع الطليق بأن تكون كما اراد |
أو مثلما شاء الحجى الساجي الخليّ من التوثب، أن تكون، وأن تقاد |
فانعم بذكراك القديمة قد نفضت غبارها عني فليس لها معاد |
ولقد حمدت من الجفا اسبابه |
لا تنتهي، وشكرت أيام البعاد |
فسلوت والسلوى لمثلي رحمة |
من حب مثلك لن يعود ولن يعاد |
يا أيها الفرد استحال بعين فكري دودة تسعى فينتشر القُعاد |
ويل الهوى في حب مثلك نكبة |
خرساء يستوحي بها القلب الجماد |
إن الهوى في القلب يعصف بالحجى |
لهو الهوى دنيا المنى دنيا الجهاد |
يا أيها الذكرى العتيقة، قد كنست |
رمادها عني إلى يوم التناد |
وبرئت من دائي الرثيث وإنها |
لبراءة القلب المطهر من فساد |