| بلبليْ مصر غرّدا فوق أيكٍ |
| في رُبى مصر وارف الأفنان |
| في سماء الهوى وتحت جناحَيْ |
| ملكه البر زائد التحنان |
| وبجو الإبداع في روضة الفن وافق التجديد في الألحان |
| ذوّيا منكما الفؤادين حيناً |
| نغمات تبقى على الأزمان |
| واهديا ((الحاكيَ)) الصدى في طروس |
| مبدعات من خلق هذا الأوان |
| فجميل أنّا نراه تمشّى |
| صادق النقل في ربى البلدان |
| وجميل أن يخدم العقل والحكمة |
| فناً للروح والوجدان |
| لكأن الأرواح منا غصون |
| أنتما فوق زهرها بلبلان |
| أو ورود وخمرة اللحن قطر |
| أنتما في ثغورها ساكبان |
| أنتما إن شدوتما طائريْن اللحن |
| حلواً بروحنا طائران |
| عشت ((عبد الوهاب)) في أيكة الإنس طروباً ومطرباً في آن |
| ولدى دولة المهارة في الفن |
| فخوراً بالعرش والسلطان |
| أنت في الفن فاتح أدبي |
| هادم باليَ القديم وباني |
| وقدير أعطى المعانيَ في الألفاظ |
| روح الممثل الفنان |
| قد وُقيت التقليد إذ جئت باللحن جديداً في روعة وافتنان |
| واسكبيها يا ((أم كلثوم)) دوماً |
| قطرات من خافق ريان |
| واجمعي الغرب راقصاً خاصر |
| الشرق لعوباً في رقة وحنان |
| وألبسيه من الجدارة والإعجاب تاجاً من البلى في أمان |
| ولتدمي مليكة أنت للروح إليها كثيرة الإحسان |
| وهنيئاً لمصر من أمم الشرق، هنيئاً بالملك والصولجان |
| خلداها في صفحة الحسن في الدهر تُخلدْ روحاكما الهائمان |
| وارفعا هامها رفيعاً يبارك |
| منتهى البر فيكما الهرمان |
| خلدا ((شوقياً)) و ((رامي)) وكثراً |
| من حماة القريض عذب البيان |
| أسمعانا الغناء والشعر قد |
| عادا بروح الإعجاز يمتزجان |
| فهما منحة لنا وشعور |
| واحد في الميول يفترقان |
| ليس قدر الغناء في عالم الروح |
| وطيئاً في نظرة الإنسان |
| الرقيق الشعور بل هو أحلى |
| طيبات الحياة عالي المكان |
| هو خمر الشعور والقلب والإحساس ضوء في دجية الأحزان |
| فاسكباها رقراقة ترهف الفكر وتسمو بقلبنا النشوان |
| واقشعا ظلمة العناء عن الأنفس تشرقْ بنور تلك الأغاني |
| وأثيرا كوامن الوجد والشوق بنفس المحزون والولهان |
| إنما هذه الحياة غناء |
| أو عناء، فأمرها حالتان! |
| يا هزارين حلّقا في سماء |
| النفس منّي فحركا لي بياني |
| دمتما هانئين، طوفا رياض الحسن من كل ناعمات الجنان |
| واذكرا دوحة الحجاز بخير |
| فهي من جدبها البلاءَ تعاني |
| إنها رغم جدبها ذات غرس |
| طيب كان مورق الأفنان |
| كم تغنت فيها بلابل باتت |
| ذات قلب من الأسى نعسان |
| فامنحاها العزاء شدواً رقيقاً |
| تتغنى بلحنه، بالأماني |
| أيها البلبلان لم يبلغ الوصف |
| مداه بالقول: يا بلبلان |
| اسمعانا لحن الحياة جميلاً |
| وصفا لوعة الهوى كل آن! |