| يا صديقي وُقيتَ همي لقد ذبت نحولاً وشاع في الجسم دائي |
| وبرغم الكتمان والجلد القاسي جلياً أمسى لديك عيائي |
| أنت لا شك عارف ما بقلبي |
| من أسى الوجد أو لظى البرحاء |
| كم تذرعت بالطلاقة والبشر |
| لأخفي كوامن الإعياء |
| وارتضيت الهدوء آناً لئلا |
| يعلم الناس لوعة في الخفاء |
| والتمست الأعذار كثراً إذا ما |
| سألوني عن علة الإغضاء |
| كم ترقبت مأملاً فض لو صح همومي وزاد في إرضائي |
| وترجيت دورة الدهر تأتي |
| بعد موت الآمال بالتأساء |
| والتزمت الصبر العسير وإن كان مصيراً بالطبع للجبناء |
| وبنفسي عزيمة تتسامى |
| أن تراني فريسة الإزراء |
| وبدهري في جوه تتراءى |
| سحُب من صروفه العسراء |
| فأنا اليوم بين نفسي ودهري |
| في عراك يجني على أعضائي! |
| يا صديقي كم رحت اطلب برءاً |
| في أمور عديدة سمحاء |
| فتطلبت في المجلات والكتب نديماً أحلى من الندماء |
| وتوسمت في الغناء وفي كامل |
| لهوي صفواً جميل الرواء |
| وتدلهت في الغرام زماناً |
| غير خافٍ عليك فيه ادعائي |
| وتسمعت في المجالس اسمى |
| ملح القول من فم الظرفاء |
| واعتزلت الأخدان حيناً وفي العزلة صقل للذهن والحوباء |
| وتذكرت ماضياً ملؤه الحظ تماماً من لذة ورضاء |
| وتناسيته وإن كان ما في |
| حاضري قطرة من الدأماء |
| وتعللت بالقضاء وعلّقت |
| عليه حلو المنى بالرجاء |
| وتركت القضاء يجري بما شاء |
| كما شاء مبدعُ الأشياء |
| وقَطوباً قابلت وجه حياتي |
| وبسوماً واجهته برياء |
| فرأيت الحياة في البُرد الضافي |
| سواء أو في طمير الرداء |
| كل هذا فعلته ولعمري |
| لست أدري للآن أين دوائي؟ |
| يا صديقي وما دواعي همومي |
| ونحولي وشقوتي وبلائي |
| غير فقدي لراحة النفس دوماً |
| واكتئابي لحالة التعساء |
| ووجودي في موكن جُلّ ما فيه قبيح، مشبّع بالوباء |
| فاندفاع الأقوام في الخلة السوءى وترك الفضيلة الحسناء |
| وتلهي الشبان والشيب بالتافه شأناً يعود بالشحناء |
| وانقسام الأفكار والجهد سيان لدى المترفين والدهماء |
| وتفشي الأثْرات والبغض والوحدة، حتى في الجنس والأزياء |
| وكساد الآداب والعلم فينا |
| ورواج الخرافة الخرقاء |
| وتردّي السواد في حمأة |
| الجهل زرياً في سيرة الجهلاء |
| واحتقار الأحرار من نخبة |
| القوم وإعلاء منزل الأغبياء |
| وبقاء الحجاز اقدس قطر |
| في عداد الأموات لا الأحياء |
| كل هذي عوامل تجعل البرء |
| محالاً من قسوة الأدواء! |