شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أيا بَحْر
أيا بحر هذي موجة ذاب قلبها
حنيناً وأمسى دمعها يتحدر
حكمتَ عليها بالنوى حينما بدا
وقد بتّ جياشاً عليك التعكر
وابعدتها عن أختها فترددت
يسيّرها قسراً نواك المقدر
اتتنيَ نحو الشط يعلو أنينها
وها هي من فرط الجوى تتفطر
تلاشت كما لاشى الردى أخواتها
ولا زلتَ عن أمثالها تتفجر
رُغى زَبدٍ عادت لتلقاك صافياً
فهل للقويين الضعيف مسخر؟
ويا بحر كم غادرت نفساً حزينة
فشا بين جنبيها عليك التذمر
فكم سابح خارت سوابق عزمه
فأمسى ضئيلاً ينزوي ثم يظهر
فتحت له جوفاً فواراه صامتاً
وكم مثله واريته وهو يجأر
وخلّفت أهليهم يذوبون حسرة
عليهم ولم تُقصر ولم يتصبروا
فما كنت يوماً هائباً إن تذمروا
عليك فأيديهم عن الكيد تقصر
فهل كنت تبغيهم طعاماً لسابح
لديك أم استقضاه منك التكبر؟
وكم من الوف من عوالمك التي
تسخّرها فيك الحياة فتسخر
أبدت كثيراً من طوائفها سدىً
وجئت بأخرى في رحابك تسدر
كأنك في نظْم الحياة مدقق
كما شاء ينفي ثابتاً ويقرر
فأنت عليها ثائر متمرد
فليتك فينا شاعر أو مفكر
وعزمك موفور كما أنت أو لنا
كعزمك هذا حيث يحلو التأزر
فما تنفع الآراء إن لم تجد لها
من العزم جباراً به الرأي ينصر!
ويا بحر كم أفنى الفناء عوالما
وأنت كما قد كنت لا تتغير
بسطت على الأيام ملكك واسعاً
ولم يبدُ حتى اليوم فيه التأثر
تحديث أهوال الفناء مسيطراً
عليها، كذا شأن العظيم التسيطر
تمر صروف الدهر ملأى من الأسى
وأنت كقلب الدهر لا تتأثر
تشابهتما هولاً وصمتاً وفقته
بأنك ملموس تُحس وتُنظر
وذا مظهر من كبريائك شاءه
لك الخلد، لا! بل طبعك المتجبر
هنا قابع أمسى بقربك حقبة
يبثك آلام الحياة ويزفر
هنا شاعر يا بحر يرجو لشعبه
حياة كهاتيك التي فيك تهدر
وعزماً لعزم الدهر يصمد ساخراً
وحرية من كل رجس تَطهر
وقلباً إذا هاجت له ذكرياته
فخاراً قديماً لم يبت يتحسر
ولم يستنم للضيم يستل روحه
ولكن ليستعدي القوى وهو يزأر
ليبقى عزيزاً خالداً ومخلّداً
على الدهر مأثوراً به الدهر يُذكر
كذا العيش! فليحي القوي مقدساً
وإكليله من ساعديه مضفّر
وإن شاء فليبق الضعيف مسخراً
لديه وإلا فالحياة التحرر
فقد بات قانون الطبيعة نافذاً
على كل قانون به الضعف يأمر
 
طباعة

تعليق

 القراءات :680  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 131 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج