أطل يسبح في دنياكِ منطلقاً |
فجر تمازج فيه الضوء والأملُ |
أهدى رحابَك معناه وشاع بها |
نبعاً تفجر دفّاقاً به الوشل |
لما ترقرق مخموراً بما حفلت |
أصباحه رق في إمسائه الطّفل |
وزاحمته على النشوى بلابله |
مغردات بما يوحي لها الجذل |
واستنطقته الذي يهوى أزاهره |
يفيض من جانبيها الشعر والغزل |
وداعبته رياح الشوق ناعمة |
حيرى تجاذب فيها الميْل والميَل |
كأن لمساتها إن مر سانحها |
أو فات بارحها في خده قُبل |
والأفق يرقص بساماً تهدهده |
في مسبح الجو أنداء له حلل |
والكون يرجف محموماً وما بردت |
أطرافه من لظىً لظّت بها شعل |
ولم تزل تتعاوى في مسامعه |
هوج الرياح ويستشري به الدغل |
وأنتِ فوق يمين الغيب نامية |
بين الهوى والمنى ترعاهما المثل |
فكان والفجر مأخوذ بروعته |
فجراً تفرّد فيه المِثل والمَثل |
فجراً تبلج في الأذهان مشرقة |
وفي القلوب انتهت برءًا بها العلل |
وفي العزائم قد هبّت موحدة |
لما تريد فلا وهن ولا جدل |
منى العروبة لست اليوم جامعة |
محدودة بل منىً ضاقت بها السبل |
منىً تنير من الدنيا مسالكها |
على الزمان وتستهدي بها الملل |
ليست كبار الأماني في بدايتها |
إلا الحقائق تبدو حين تكتمل |
وليست اليوم مصر فيك واحدة |
بما احتفلت بل الأمصار والنِّحل |
لبنان والشام فيها والعراق هوى |
ضم الحجاز ونجداً ما له بدل |
وطاف باليمن الخضراء منتهياً |
إلى فلسطين لم يقعد به الوهل |
تلك الشهيدة والتاريخ شاهدها |
مذ خط أن لديها يعرف البطل |
منى العروبة عزت في حقيقتها |
بها العروبة واعتزت بها الدول |
الحق أقسم في يمناك صارمه |
ألا تضيّعه رغم العدى الأسل |
والعدل أسفر في مغناك مستوياً |
فلا يحور به حب ولا وجل |
هاما بمحرابك العالي وقد وقفا |
ببابك الحارسان القول والعمل |
هذا يبين وذا يمضي على سَنن |
من الصراحة لا خوف ولا خجل |
يا ايها الأمل الساعي إلى أمل |
فذ يقود خطاه الريث لا العجل |
إن رافقتك من الدنيا مفاتنها |
وصارعتك بها أحداثك الأول |
فالزهر يبسم والأشواك عابسة |
تحوطه للهوى الزاكي ويشتعل |
والنهر يقفز رغم الصخر عاتية |
تعوقه للمدى البادي وينتقل |
والكون ما زال بين الخير معترضاً |
للشر مندفعاً، يجري به الأجل |