| يا من لدى فجر الحقيقة أبصرت |
| عيناه فجر حقيقة الإنسان |
| وإلى السنا العالي تطلّع باحثاً |
| ظمآن ينشد رِيّه ويعاني |
| يصبو إلى السر العظيم وهديه |
| للَّه خالق هذه الأكوان |
| بالعقل في الأسفار تصطرع النهى |
| فيها مصاولة بكل لسان |
| بالقلب في دنيا السرائر والهوى |
| في الكون زخاراً بكل معاني |
| في مسرب الروح العميق وقمة |
| الفكر الرحيب وبين ما يصلان |
| فهداه والحق القويم سبيله |
| للحق قلب صادق الإيمان |
| فاستشهد الدنيا وأطرق شاكراً |
| بكيانه للواحد الديان |
| ومضى يرود من الهدى ساحاته |
| صافي السريرة مشرق الوجدان |
| يسمو إلى خير البلاد يشوقه |
| للنبل والتقوى بها الحرَمان |
| يهفو لها نبعاً تفجّر صافياً |
| طهرت به الدنيا من الأدران |
| ريان يشهد للعروبة حصنها |
| الثابت الجنبات والأركان |
| نشوان بالفصحى تدفّق فيضها |
| بروائع الإعجاز والتبيان |
| كلفاً بها وبأهلها فكأنه |
| منها وفينا اليوم خلق ثاني |
| للدين، للفكر الرفيع وفنه |
| للعلم عشت ولست فيه بواني |
| هذا ((مثالك)) في الحياة وأنه |
| لمثال فذ في العلا متفاني |
| مذ كنت في بلد يمور بأهله |
| سير الحياة ودورة الحدثان |
| تصبو إلى بلد يخلد ذكره |
| في الدين والدنيا رضا الرحمان |
| منذ انطلقت إلى الحقيقة ناشداً |
| من سرها ما جل عن إعلان |
| حتى اخترقت حجابها متجولاً |
| في كونها الساجي الرؤى الفتّان |
| فجلوت روح الشرق تخفق حرة |
| وصقلت فكر الغرب يشرق هاني |
| فاليوم يمتزجان فيك عقيدة |
| كبرى وذهناً ساطع اللمعان |
| لكأنما وقف ((الحجاز)) مكبراً |
| في قلب أوروبا المصيخ الداني |
| إن أرسلت شفتاك صيحة مؤمن |
| باللَّه مطبوع على الإيمان |
| أو سطرت يمناك نظرة باحث |
| وهب الحقيقة روحه.. فنان |
| وكأن ((بودابست)) في تحنانها |
| ترنو إلى ((أم القرى)) بحنان |
| وقد استنارت فلذة من كبدها |
| بسنا ((محمد)) العظيم الشان |
| رئم تطلّع في السباسب حائراً |
| ظمآن والينبوع يدفق راني |
| يا أيها الضيف الكريم وأيها |
| العقل الجليل لديك يجتمعان |
| إنا نكرم فيك فكرة باحث |
| وشريف وجدان وكنز بيان |
| وعقيدة سمحاء تسطع حرة |
| كالشمس نيّرة بكل مكان |
| لا العقل قيّدها ولا سرحت بها |
| فوضى النهى أو كرة الأزمان |
| فانعم بما قدّمت خير موفق |
| وأسعد بما أخرت غير مدان |