لدى الأمل السامي إلى ذروة العلا |
بناء منيفاً شيدته العزائم |
لدى الفكرة العليا تعهد بذرَها |
جَنانٌ كريم آزرته المكارم |
لدى هذه الدار التي جئتمو لها |
ملبّين إحساساً ألحّ عليكمو |
قفوا خشّعاً للمبدأ الفذ خاطراً |
معانيَها عنها وعنكم تترَجم |
فما هذه الدار التي انتموا بها |
سوى فكرة عن نفسها تتكلم |
سوى بذرة النفس الرحيمة أينعت |
فكانت غراساً زاهراً يتبسم |
مشى البِر في أرجائها ثابت الخطى |
يعبّر عن طيب النفوس ويبسم |
وقام الوفاء الحق في جنباتها |
يؤكد أفضال الوفاء ويقسم |
وشاع الرضا فيها رضا الدين مشرقاً |
تواصت به تقوى الهدى والمراحم |
وطافت بها الأخلاق مثلي طليقة |
تفكّك أغلال الهوى وتحطم |
وشعّ بها جود النفوس وبذلها |
يطاوله بخل الأكف فيهزم |
فكانت مثال البِر والفكر والعلا |
مثالاً لنا منه المثال الملائم |
وفاءَ اليتامى في وريف ظلالها |
كما تنتحي ظلّ الرياض الحمائم |
بعيدين عن بؤس الحياة وقسوها |
وقد طال في سير الحياة التزاحم |
يتامى صغار ذو وقلوب رقيقة |
على السعي لا يقوون من حيث زوحموا |
كزهر الربى هيهات تقوى على الأذى |
إذا صارعتها في البوادي السمائم |
بسومين للدنيا تطل عليهمو |
مرفهة يخضلّ منها التنعم |
ترفّ على أجسادهم وعقولهم |
قلوب أناس قدسوا الخير فيهمو |
أناس لهم روح الملائك رحمة |
وعزم أولي الصبر القويين منهمو |
على رأسهم حر نبيل بفضله |
قضى اليتم موؤداً وغيل التيتم |
نبيل كفى الثكلى حرارة فقدها |
أبا طفلها فأنجاب عنها التألم |
ومسّح من قلب الصغير جراحه |
وإن غاب عن قلب الصغير التفهم |
أهاب بنا في غمرة الحس داعياً |
إلى خير ما تدعو إليه المراحم |
إلى العطف بالإنسان طفلاً معذباً |
وحيداً ضعيفاً حاصرته العظائم |
وكافح في دعوى الجهاد فلم يهن |
ولم يلق بالاً للصعاب تَراكم |
فلباه من لبى وجانب أمرَه |
دعيّ جحود ميت القلب مظلم |
فأقدم لا يلوي يكرّم سعيه |
من الشعب حساساً نداه المكرم |
فباسم مشيد الصرح صرحاً ومبدأ |
عظيمين في الآثار شيدوا وعظموا |
وفاء لذي المعروف فينا لحقه |
وقفّوا خطاكم خطوه وترسموا |
فما هو إن أنّت يتاماه واحداً |
حزيناً ولكن أمة تتألم |
وما هذه الدار المباركها لنا |
رضا اللَّه إلا عزمة تتجسم |
وإن هي إلا همة المجد ترتقي |
فتُطفأ أكباد وتسمو عزائم |