يا حاضن العود هل حركت عودك أم |
حركت منا قلوباً بين أضلعنا؟ |
أم بين أوتاره سر وأفئدة |
لنا، فتلك تناجيها بمسمعنا ؟ |
أم كل عاطفة تهتز من وتر |
فالروح أجمعها رقت كمدمعنا؟ |
ناشدتك اللَّه ألا زدتنا فلكم |
أجدت لكن لعمري في تولعنا |
زدنا فآلتك الخرساء إن نطقت |
بقدرة الفن تأسو من مواجعنا |
وخلّ عودك يشرع في الهوى نغماً |
كيف اشتهى قلبه الباكي بأدمعنا |
فإن شرعته في الحب نغمته |
في القلب مشرعه استسقى بمشرعنا |
ودع كمنجة من أمست كمنجته |
تئن حيناً وتخشى من تصدّعنا |
تردّ أناتها رِسلاً مصعدة |
آهاتنا وتغالي في تخشعنا |
وقل لحاملها رفقاً بها فلقد |
قسا عليها ليرضي كل مطمعنا |
فإن شكونا الهوى افتنّت مصورة |
إحساسنا المتلظي في تلوعنا |
وإن بكينا الجوى استبكت جوارحها فأبكت العين شكرَى من مدامعنا |
كأنها في يد العزّاف لاعبة |
بها يداه، يدٌ حسّ بمسمعنا |
فقل لصاحبها إن بات يوجعها |
بما استفز بنا أحلى مواجعنا |
رحماك يا ربها إن التي نأمت |
الاهة النور قد حلت بمجمعنا |
متى لمستَ حشاها راح يؤلمها |
وردد النوح حباً في تشفعنا |
حتى تكاد من التحنان همستها |
بالآه تجذبنا طوعاً لمصرعنا |
بين الكمنجة والعود انقضى طرباً |
ليل من الإنس خلو من ترفعنا |
ورب صوت سبانا لحن صاحبه |
صداه باقٍ لذيذاً في مسامعنا |
يروي الصدى وينقّي النفس جوهرَها |
مما تعانيه هماً من توجعنا |
فالقلب يظمأ والأنغام أبدعها |
ري حرى وتراءى في بدائعنا |
والنفس تصدأ والألحان صيقلها |
وكل فن رقيق من روائعنا |
هي الحياة بما فيها وقد حفلت |
بمرتعٍ خصِب، طوبى لمرتعنا! |