| من الحناجر لا تُحصى على قدر |
| شق الفضاء وجاز الجوّ آفاقا |
| لحنٌ من النور مزهواً يردده |
| في الخافقين هوى الآمال تواقا |
| ناب الصدى فيه عن دنياه واقعة |
| لمن تقرّاه معنىً في المنى راقا |
| وقرٌ يهزج في الأسماع صاغية |
| لحناً تجدد ملء السمع صفاقا |
| أرنّ تمتزج الأفراح صاخبة |
| فيه وتعتنق الأشواق أشواقا |
| مصعداً يتلاقى في معارجه |
| حس القضاء وصوت الخلق دفاقا |
| يسعى به الحق أحلاماً مجنحة |
| شأى بها النصر يوم النصر سباقا |
| ويستعز به التاريخ مفتتحاً |
| بيض الصحائف للأجيال براقا |
| احنت له الهام مرفوعاً به أمم |
| نشوى وأخرى أشاحت عنه إطراقا |
| لا تنتهي بين سمع الدهر نغمته |
| أو يستقر بها الإيمان خفاقا |
| ولا تغيب عن الأفهام نبرته |
| بما تحمّله المرجو قد شاقا |
| فكان بين سواد الليل منقشعاً |
| وصولة الفجر معنىً شاع إطلاقا |
| كالطير يسبح مطراباً تزف به |
| بشرى الربيع ترانيماً وإيراقا |
| فتستعيد به الأيام بهجتها |
| وتستزيد به الآنام إشراقا |
| لحن تعالى عن الآذان مرهفة |
| إلى القلوب انتحى منهن أعماقا |
| قد وقّعته كبود الشوق والهة |
| حرّى تضيق بنار الصبر أطواقا |
| ورجرجته دموع الحزن زاخرة |
| أغلت معاني الدم المسفوك مهراقا |
| فرقّ يسبح كالنجوى منغمة |
| وانساب بين مساري الحس رقراقا |
| يمضي وتمضي الضحايا في مواكبه |
| مع الخيال طيوفاً طبن أعراقا |
| لما تعاكس فيه الحب مبتسماً |
| والبغض مبتئس الآمال إخفاقا |
| أصغى له الكون طالت منه هجعته |
| على الأنين حزين القلب مطراقا |
| معربداً بعد أن كان السهوم له |
| طبعاً وشر فنون الشر أخلاقا |
| مهللاً بترانيم وأدعية |
| فوق التقاليد روحاً عز ميثاقا |
| منبّهاً كل ما فيه لغايته |
| نبضاً وحساً وإرواء وإغراقا |
| فالنبت يبدو وقد مدت عوارفه |
| فوق الأديم زكي الغرس عبّاقا |
| والطير يجري وقد طابت لغايته |
| دنياه لم يخش في الأجواء إعواقا |
| والنهر يلعب ممراحاً وقد رقصت |
| به عذاراه طلق الوجه لقلاقا |
| والخلق تسرح في النعمى موقرة |
| بما أفاض فلن تشكوه إملاقا |
| أزجي الأماني إلى ماضيه حاضره |
| فلن تضيق به ساحاً وإن ضاقا |
| يا أيها اللحن هامت في مقاطعه |
| حور الأماني ومدت منه أعناقا |
| كن كالربيع وردد حلو نغمته |
| وكالضياء، وعُم الكونَ إشراقا |