راقب النجم مطلعاً ومغيبا |
واذكر العهد نائياً وقريبا |
واهبط القاع من بلاد فلسطين نجوداً محمية وسهوبا |
وتخط الزمان يعترك الآن |
بنوه لا يشتكون لغوبا |
في عراك أفنى الحياة خراباً |
ودماراً وشقوة ونضوبا |
اللظى والحديد فيه سلاحاه |
مطاراً ومسبحاً ودبيبا |
للزمان النائي تماثلت القوة فيه تكافؤاً وضروبا |
في نضال حديده البأس يشتد جسوماً وعزمة وقلوبا |
ولظاه عقائد فعلها السحر انقياداً وصولة وشبوبا |
وفعالاً قوامها الخلق الفذ كما كان غالباً مغلوبا |
شهدته في أورشليم من العالم أجناسه تضم العجيبا |
في جموع تمثل الغرب فيها |
حاسر الرأس نادباً مسلوبا |
وبدا الشرق باسم الثغر |
يختال فتياً فؤاده مشبوبا |
فغدت أورشليم كوناً هو الكون حياة وزحمة وشعوبا |
فسل الباقيات من أمسها الغابر عن أمسها المليء حروبا |
يوم نادى بها لهلال هلالا |
واستثار الصليب فيها صليبا |
وتمثّلْ دنيا الجهاد وقد طال لديها تحوي العجيب الغريبا |
تتمثلْ دنيا البطولة يمتاز بها النادر المثال ضريبا |
العظيم العظيم فيها صلاح الدين من عاش عمره موهوبا |
والشجاع الشجاع من كانت القوة طبعاً من خصمه محبوبا |
والقوي القوي من فاضت الرحمة نبعاً من نفسه مسكوبا |
والصديق الصدوق في القول والوعد يرى الإفك والخيانة حوبا |
والكريم الكريم من كان في الرفد مثالاً لأهله مضروبا |
والذي قام في الحياة مناراً لأولي العزم والعلا منصوبا |
يا معير التاريخ من قبَس الخلد ومن روحه سناه المهيبا |
العذارى وقيتهم من العار سلاحاً مشرّعاً مرهوبا |
والأيامي حميتهم من الذل وأسبغت فضلك المجلوبا |
والأساري وذو الطلاب وذو الحاجة كلاً وهبته المطلوبا |
فاصطفاك السكسون ندًّا لريتشارد وقد كنت خدنه المحبوبا |
وجثا العالم الكبير وأحنى |
هامه تحت أخمصيك منيبا |
وتغنى الزمان من يوم حطين إلى اليوم بالعظيم طروبا |
عبقريّ التاريخ مجّدك الشعر ولا زلت وحيه المكتوبا |