أرقت وكم في الليل مثلي وهاجني |
إليكِ هوىً تحيا به روح شاعر |
وزلزل إحساسي وأشعل فكرتي |
من الشوق ممتد الحنين مسامري |
بلادي بلادي لا عدمتك موطناً |
حبيباً إلى قلبي ونفسي وخاطري |
ولا عاش من ألهاه عنك احتقابه |
منى العيش مزهو المنى بالصغائر |
ولا اليائس العاني إذا هزه الجوى |
فأبلس ميئوس الخطى والمشاعر |
ولا الوالغ القاصي بقلبك باسطاً |
إلى الناس قلب المستهام المداور |
ولا الشانئ اللاحي بنيك وبينهم |
أقام على صفو الهوى والسرائر |
ولا الراغد الهاني بعيشك منكراً |
هواك وُجوداً أو حقوقاً لذاكر |
ذكرتك والذكرى من الحب روحه |
ومن خلجات النفس وحي الضمائر |
وذكرك في الأحياء همسة واجد |
وترديد إيماء وقولة عابر |
ذكرتك والذكرى حياة لوامق |
غريب شجي القلب بالليل ثائر |
ذكرتك في مصر العظيمة بالذي |
به مصر قد فاقت جميع الحواضر |
بأعظم ما فيها وارشق ما حوت |
وافتن ما يصبي فؤاد المغامر |
بأهرامها العليا تطاول في الذرى |
ذرى الدهر زخّاراً بهول المخاطر |
بآدابها فتانة بفنونها |
محببة في كل نادٍ وسامر |
بأعلامها السامين في العلم والتقى |
وبين فنون الفن من كل قادر |
بأبنائها، بالسالبات قلوبنا |
بكل ضروب السحر من كل ساحر |
بايامها، بالليل فيها محركاً |
هوى كل فنان الصبابة شاعر |
بكل رقيق الحسن فيها منوعاً |
يفيض به الروح الطليق البوادر |
ذكرتك والدنيا تموج بأهلها |
حياة وإحساساً دقيق البصائر |
وحولي شكول تنضح الحسن فتنة |
لكل ذكي القلب بالحس زاخر |
وفي القلب حس تعرفين اتقاده |
بروح شجيّ بالهوى الحر عامر |
وفي مصر ما يُنسي ولكن ذاكراً |
حماك المفدى لا يُرى غير ذاكر |
إليك بلادي فكرة وعقيدة |
سمت بهما فوق الطلاب مشاعري |
إليك، إلى الثغر المطل على الدنى |
من البحر منداح السوى للمعابر |
إلى الشاطئ المزهو فيه بمن به |
أصيلاً، إلى الأهلين في كل سامر |
إلى مكةٍ في قدسها وجلالها |
وعزتها الكبرى على كل كابر |
إلى البيت محفوف الرحاب بطائف |
وضيء المحيا أو مصلٍّ وشاكر |
إلى المنحنى أجباله ووهاده |
ورواده ما بين ثاوٍ وسائر |
إلى طيبة في عزها وعلوها |
وخضرائها الخضراء مجلى النواظر |
إلى المسجد المحبوب فيها محبباً |
إلى كل موهوب الهداية زائر |
إلى السهل من حراتها وعقيقها |
وبين مجاليها الحسان النواضر |
إلى الطائف التيّاه تبسم غبطة |
بأفنانها فيه ثغور الأزاهر |
إلى وجه آكامه ورماله |
فنعمان في آماده فالمشاعر |
إلى سهلك الهاني بظل جباله |
إلى غورك الداوي بصوت الكواسر |
إليك، إلى أهلي وأهلك كلهم |
سواء بقلبي كل بادٍ وحاضر |
تحية معمود وتحنان وامق |
وتسليم مشتاق وذكرة ذاكر |
إلى أن تئوب النفس فيك ملولة |
بما اهتاج منها الآن وجدَ المسافر! |