دعا الوطن الغالي فلبى دعاءه |
وللوطن الغالي أباح دماءه |
ومد له الموت الزؤام يمينه |
فصافح فيها عزمه وقضاءه |
وأرخت له الحرب الضروس زمامها |
فقاد هواها يسبق النصر، جاءه |
وألقى على الدنيا الرحيبة نظرة |
قد استودع الأيام فيها هناءه |
وأمسى بميدان القتال مجنداً |
وعانى كما عانى سواه ابتلاءه |
يقول وقد عاد الغريب لأهله |
وأوّب يستقضي الحياة بقاءه: |
((أتيت إلى الميدان إتيان وامق |
إليه وسمُّ الروع ينفث داءه))
|
((ودنيا الرزايا راجفات تفجرت |
زلازلها تذرو الردى وعناءه))
|
((وطفت ورأسي فوق كفي مجالداً |
شكولاً من الهول المرزّ بلاءه))
|
((أخوّض في بحر من الدم فائر |
على ثبج الأشلاء تُجري غثاءه))
|
((واسبح في جو من النار ثائر |
تقاطر هيامه يذرّي شواءه))
|
((وانفذ في قلب الجديد تدفقت |
شآبيبه تصمي القلوب لقاءه))
|
((وأوغل في طخياء عمر تقاصرت |
بجانبه الأعمار أخطو إزاءه))
|
((فداء الأماني والمعاني تواثبت |
بنفسي دماً ارخصت بذلاً غلاءه))
|
((فلي من جواء البحر والجو بالوغى |
وفي البر ميدان ألفت جواءه))
|
((تدوّي حوالي القذائف حوّماً |
فالثم من كف الرغام هباءه))
|
((ويمرق من جنبي الرصاص مسدداً |
فأمرق من خلف الردى وحذاءه))
|
((وترسل فوقي الطائرات لهيبها |
فأرسله سيلاً كرهت انتهاءه))
|
((مثيراً به التدمير والرعب والأذى |
شرور مصاب قد ركبت سواءه))
|
((فكم أتوخى الشر ضربة لازب |
عليّ ابتغاء الشر أرجو اتقاءه))
|
((وقد أتحامى الخير رحباً سبيله |
مخافة يستشري به من أفاءه))
|
((وكم صحت يا ((اللَّه)) نوراً تسربت |
معانيه في حسي فكانت ضياءه))
|
((وناديت يا ((أماه)) نبعاً تفجرت |
أمانيه في قلبي فكانت عزاءه))
|
((وقد أجهل الأدنين جهل مفارق |
بعيد، وعهد ما ذكرت ابتداءه))
|
((وابسم للنائين والموت واقف |
يكشِّر عن ناب عرفت مضاءه))
|
((حننت إلى ملقى جهنم جنة |
شكوت إليها واقعي وأداءه))
|
وبت وفي رأسي طنين وفي دمي |
إلى الدم إلحاح أثار اشتهاءه))
|
((فثار بإنساني القديم سعاره |
وأعلن إنساني الحديث انزواءه))
|
((كذا أنا في الميدان ((شيء)) تقمصت |
به الحرب شيطاناً كمنت وراءه))
|
هي الحرب للجندي نار تسعرت |
فأكبرت الأيام فيها فداءه |
وما زالت الأيام في السلم حربه |
وما زال للسلم العظيم وقاءه! |