يا هزاراً ثويت في وكرك الآن صموتاً بعد الترنم حينا |
غير آهاتك الطويلة تزجيها زفيراً بين الأسى وأنيناً |
ما دهى روضة شدوت زماناً |
في رباها فكنت فيها المبينا؟ |
وتفيّأت ظلها مستزيداً |
من نعيم به رأتك قمينا |
فمكثت الغرّيد في جوّها الرحب لعوباً بأنفس السامعينا |
بغية الوامق الطروب نجيّ الليل والفجر سلوة اليائسينا |
ما دهى دوحة القريض فأضحى ينعها الرطب قاسياً لن يلينا؟ |
والنسيم العليل حراً ومخضر الربى مقفراً وذا الورِد طينا |
وتراءت لناظريك كسجن |
موحش فانزويت عنها حزينا |
أحقيق سئمت أنشودة الحب وصار المنى عليك ضنينا؟ |
بعد أن كنت والأماني شقيقين وكان الغرام للقلب دينا |
بعد أن كنت مالئاً مسمع الكون بما سال رقة وحنينا |
أحقيق أخنت عليك صروف |
من زمان ما عاد يعرف لينا؟ |
صهرت روحك اللطيفة بالبؤس فأشجتك لوعة البائسينا |
يا هزاراً بات الضنى مستبيحاً |
جسمه الغض وانزوى مستكينا |
أدرست الحياة في صفحة الحسن وتممت بغية الدارسينا؟ |
فتصنعت مسحة الحزن حتى |
عاد في القلب ساكناً ومكينا |
تبتغي درسها من الطابع القا |
تم لوناً والمر طعماً مهينا |
أم مللت الحياة في النسق الوا |
حد يعلو بها القديم مصونا؟ |
عادة النادر الطبائع في النا |
س وطبع النوابغ النابهينا |
أم ترى غاية السرور وإن طال شجوناً تروي العيون شئونا؟ |
أيها الشاعر الحزين حنانيك |
بنفس لا تستحق الشجونا |
طر بها في عوالم الإنس فالكون طروب، إن شئته، لا حزينا |
والحياة الجمال والحب والمأمل والمأثر العزيز قرينا |
والحياة الكبرى العصية لا ترضخ إلا للمعشر الحازمينا |
للكبير الآمال، للباسم الثغر، لمن يكتم السقام الدفينا |
للقويم القويم يصرعه اليأس فيأبى لنفسه أن تهونا |
للأبي الأبي لم يُصبِه الزخرف نعمى الحياة يقطر هونا |
للقوي القوي، للسائر السائر لا ينتحي الركون ركونا |
للمقيم الدنيا ومقعدها اليوم وأمساً وآتياً مأمونا |
قم تطلع إلى الوجود بروح |
عامر بالوجود فاض فتونا |
شاعراً بالحياة يجتازها المرء سهولاً مبسوطة وحزونا |
سارياً في الدجى مطلاً إلى الفجر بريقاً ولفتة وسكونا |
مستعيراً من ومضة النفس |
للنفس ضياء على الرجاء معينا |
مذكياً وقدة الفنون بفن |
ثاقب الخطف لمحة وطنينا |
محيياً فيه نهضة الأدب |
الحي تراثاً ممزقاً موهونا |
أيها الشاعر الحزين وما كنت حزيناً وما نرى أن تكونا |
قم! وزلزل دنياك بالقول والفعل وغامر حتى تقود السفينا |