الروض، ما معناه يا بلبل |
إن لم تغرِّد فيه أو تمرح؟ |
والزهر من يسكب في ثغره |
سحر الهوى إن أنت لم تصدح؟ |
والجدول الرقراق، ما حاله |
إن غبت عنه جانباً تنتحي؟ |
والفجر، من يلقاه إن لم تطر |
في ضوئه الساجي ولم تسبح؟ |
والوردة الحسناء من ذا الذي |
يثير فيها غيرة المستحي؟ |
إن لم تغازلها، تبث الهوى |
للروض بساماً، وتشكو الجوى |
للفجر، والزهرة، والجدول |
يا باعث الفتنة زخارة |
بالحسن مطبوعاً على ما به |
وناثر الفرحة رفرافة |
في لحنه المسكوب من قلبه |
الشاعر الفنان فيما شدا |
منك استمد الوحي في غيبه |
واللاعب اللاهي وأترابه |
منك استعار الصدق في حبه |
والغادة النجلاء في خدرها |
والعاشق المضنك في كربه |
مدّا إليك السمع حتى ارتوى |
قلباهما، قلب يخاف النوى |
هجراً، وقلب حنّ للأول |
وأنت لم تصمت ولم تحفل |
بالباعث الوجد وبالموَجد |
أغرودة تنساب في كونها |
يعب منها كل قلب صدي |
وتستضيء النفس من نورها |
سعيدة في جوك المسعد |
ويستعير الحسن من خمرها |
روح الهوى تسمو إلى الفرقد |
كأنما أنت بليل الدنى |
نجم وفي الليلات صباح الغد |
منك استحى اليأس، وفيك انطوى |
معنى الأماني ناضراً ما ذوى |
في النفس لم تهزم ولم تجفل |
يا ساكن الأدواح خفاقة |
بالحب خفاقاً لدى وكره |
ونادب الأقفاص ملقىً بها |
من بات مغلوباً على أمره |
هل علم ((القفّاص)) أن الذي |
يصنع سجن الحر في قبره؟ |
أو أن تغريدك من بينها |
صرخة روح ذاب في أسره؟ |
هيهات! بعد الكون في رحبه |
يرضى بشبر منه أو غيره |
من عاش دامي القلب مهما حوى |
أو صيغ منه شبره المجتوى |
فالقيد قتل الحس لم يجهل |
الطير والروض وأزهاره |
والوحش والصياد والأجدل |
وربة الحسن وعبّادها |
والفجر والشاعر والجدول |
والخدر في القفر وسكانه |
ومن حواه الغاب والمنزل |
الكل قلب أنت من نبضه |
لحن الهوى يُثمل إذ يشمل |
فامرح وغنّ الكون لحن الدنى |
يا مطرب العالم يا بلبلُ ! |