شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
جدَة
في الشمال الغربي من مدينة (( جدة )) حيث تقوم التلال المتجاورة مطلة على شاطئ البحر يقع التل الحبيب إلى نفس الشاعر.
وفي ليلة قمراء أخذ الشاعر يتطلع من تله إلى مهبط رأسه (( جدة )) ويناجيها بما تفجرت به نفسه وأحاسيسه فكانت هذه القصيدة.
(مهداة إلى أخويه الصديقين عمر عبد ربه وعبد الحميد مطر).
لك يا جدة الحبيبة في النفس مكان محبب مألوف
قُدْسي كالهيكل الساحر بدنيا أسراره محفوف
طار فيه صدى الجديدين بالأمس وما زالت الحياة تطوف
تتمشى ما بين روقيك تختالْ أبرادها هناك حفيف
فيه معنى من كل ما فيك ريان سواء قويه والضعيف
وخيال لكل ما فيك حي
عكست ظلّه الرؤى الزفيف
فيه من أمسيَ البعيد حياة
ذكرياتي أشباحها والطيوف
وعليه من جدة اليوم مما
ينسج الفكر والخيال شفوف
فهو قدْس محجب شارف الدهر علواً فلن تراه الصروف
وهو جذر مستنبت من روابيك وغرس مدى الزمان والريف
مهدته كف الأبوة قدماً
واحتواه ربيعها والخريف
وحبته دنيا الطفولة دنيا
ذات حسن له سنى ورفيف
وحماه من التلاشي ولا كا
ن شباب يرويه حب عنيف
فتصابي ما شئتِ هيهاتّ أسلوك وفي القلب من هواك وجيف
أنت جزء من موطن ملء قلبي
بعضه المستطاب والمالوف
أنت في ومضة الخيال بعيني الآن خود جم الحنان عطيف
لك من فتنة الغواني معانٍ
حار في حصر كنهها التكييف
قمت للقاصديك بسامة الثغر
لعوباً تلقاك منهم ألوف
فكأن السهل الفسيح فناء القرى فيه والضواحي ضيوف
وكأن الجبال دونك في الأفق مكان الإشراق سور مطيف
وكأن التلال حولك بالشطِ حراس مدى الزمان وقوف
وكأن الخضم صب على الباب طريح وأنت عنه عيوف
يترامى هوىً فتقصينه عنك فيرتد والمحب ضعيف
ها أنا الآن فوق ((تلّي)) ساجي الطرف يسمو بي الخيال المشوف
ساكت منصت إلى الليل، والليل كما تعلمينه فيلسوف
والنسيم الهفهاف يعتنق الروح طروباً له صدى ورفيف
حيث تجلو لي الطبيعة ألوان فتون يزينها الترصيف
في ظلال التلال، في كنف الشط، على مسرح الفضاء تطوف
حيث يبدو البدر المطل من السحب حيياً لا تزدهيه الشفوف
باسماً ناعماً بدنياه، بالحسن تناهى تليده والطريف
مرسلاً ـ للخضم إذ هاجه الشوق وقلب لمن يحب ألوف ـ
قبلةً كلها الحنان سنى الخلد سناها منه الجنى والقطوف
يتسامى لها وقد أسكرته
نغمات الهوى الخضم الشغوف
مائجاً راقصاً يلوب على
الشط ويرتد مرة ويعوف
منشداً من خريره نغمات
أين منها معازف ودفوف
والدراري مطلة ترهف السمع عليها من الحياء كسوف
والعيون الحيرى توصوص في الشط فينأى بها الفؤاد اللهيف
والدجى المنتحي ظلال الروابي
هائب في غماره ملفوف
وأنا مترع الجوانح والحسن
حواليك بالفؤاد مطيف
حالم ناظر بعين خيالي كيف يحلو الهوى البريء العفيف
هكذا أنت فتنة من كوى الفكر يراك المدلّة المشغوف
ولدى عالم الحقيقة شيء
دون هذا لولا هواك العنيف
أنت ذاك الميناء والبلد القاحل إلا من الهوى يستضيف
فإذا شئت أن يصورك الحس فما بعدما يُرى موصوف
وإذا شئتِ أن أكني ولا مهرب من ذاك يبتغيه الأنوف
فاعلمي إنما الحبيب حبيب
كيفما كان والألوف ألوف
والمحبون في البرية أغراض
رُماة سهامها التعنيف
والملام البغيض مبعثه الجهل وبغض الجهول ليس يخيف
والمراءون أدعياء وطبع الحر طبع يشينه التزييف
والقضاء الخفي أمر نُهى المرء أسير أمامه مكتوف
والعظيم العظيم يغتصب العجب من القلب وهو عنه عزوف
فإذا قلت مرة فلك الويل
فلا غرو فالحياة صنوف
إنما سرّب الملال لقلبي
أمل ذابل وعيش سخيف
 
طباعة

تعليق

 القراءات :717  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 99 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.