يعجزني الشكر على سابغ |
من فضلك السابق واللاحق |
عجز ذوي الحس إذا عبّروا |
بالحس لا بالقول والمنطق |
عن موقع الفضل بإحساسهم |
تترى أياديه ولا تتقي |
كالمزن في صوب شآبيبه |
دافقه يوصل بالدافق |
وأنت أنت الفضل لا تنتهي |
بيضُ أياديك إلى عائق |
ولا تردّ الرفد عن طامع |
في الرفد أو ذي عوز مملق |
فمنك صوب المزن هطاله |
هذا الندى الباسم للضائق |
هذا الندى الخارق فيما أتى |
من كرم الأنداد للخارق |
وفيك طبع المزن لا يكتفي |
بالنزر لا يروي ظمأ المستقي |
حتى يرى الآفاق مخمورة |
بالأرج الفيّاح والعابق |
أو تضحك الأزهار في غصنها |
للرافع الرأس وللمطرق |
والأرض كالفرحة في سرها |
أو كانطلاق الأمل المشرق |
ريانة الخضرة بسامة |
للكون إذ قال لها صفّقي |
واستنطقي السحر أفانينه |
واجتذبي الوامق للوامق |
واختصري العالم في روضة |
أو زهرة أو غصُن مورق |
أو نظرة تعرب أو لفتة |
أو قبلة كالألق البارق |
أو مأمل دانٍ إلى آمل |
ينهل في جدواك من معرق |
والقلب يرجوك ولا ينثني |
عن مَصفَق إلا إلى مَصفَق |
والنفس مثل الأرض مخضرة |
تسبح في جو المنى الرائق |
هذا وأنت اليوم لا يمتري |
فيك سوى حاسدك الناعق |
والنافس النعمة في بسطها |
توليك ما تهوى وما تنتقي |
والناهب الرفد طماعاً به |
والمسفر العدوان والمتقي |
والضاحك السن إذا ما رأى |
وجهك يطوي الغل فيما يقي |
والكاذب الدساس يخفي الذي |
يبديه في مجمعه الضيق |
والمبتغي جاهك مستكثراً |
والحاسب الرزق على الرازق |
والناقد الفكريّ فيك المنى |
والحظ والطاقة لم تُسبق |
والمبدل الحق وآثاره |
بالمين في باطله الزاهق |
وأنت لا تغفل عن واحد |
من كل من يهوى إلى مزلق |
فالكل ما كانوا سوى جاهل |
أو فاخر بالحسب الأعرق |
أو عاجز قصر عن شأوه |
أو طامع ذي حسد حاذق |
أو عاطل في الكون ثرثارة |
أو ناعب بالليل أو ناهق |
هذي صنوف الناس لن يبلغوا |
شأوك في مركزك السامق! |
يا واهب الفضل إلى أهله |
أو غير أهليه بلا فارق |
فعل الكريم النفس قد اُشربت |
حب الندى الشامل والمطلق |
كم مأمل حققت للمرتجي |
من قاصد جدواك أو طارق |
أو كربة فرجت أسبابها |
للواجد المكروب والضائق |
بالمال تعطيه أخا حاجة |
والجاه تضفيه على المشفق |
يا من إذا أحصيت آلاءه |
أشرت للجيل وما قد لقي |
من نصرك الشبان في سعيهم |
في سبل العيش وفي المفرق |
لدى مجال الذوق والمنتحى |
وفي مَراد العزم للواثق |
حتى لقد أمسيتَ رمزاً لهم |
وقدوة النابه والسابق |
يا من بماضيه وأفعاله |
تنطق في حاضره الناطق |
أخملت من ساواك في رتبة |
أو فاق في منصبه الشاهق |
حتى لقد أضحى على رغمه |
من بين قصاديك في مأزق! |
ما المركز الأسمى إذا لم يكن |
بالنابغ الفعّال والحاذق؟ |
يا واهب الدنيا فنون المنى |
وحيدة الملمس والرونق |
ما زلت للناس الأولى قدّموا |
عبادة المال على ما بقي |
المثلَ الحر فأنت الذي |
تستعبد المال ولم تفرق |
وهكذا المال لدى ربه |
وسيلة الأليق للأليق |
يا باعث المنحة مستورة |
تمتاز في اسلوبها الأرشق |
بأنها المنحة لا منة |
فيها ولا في فمها المغلق |
هيهات أجزيك على ما بدا |
من عطفك المرموق والفائق |
أوليتني العطف ولما أزل |
أمرح في دنياه أو ارتقي |
فاستشعرِ الشكر إذا شئته |
حاشاك في اللحظ إذا نلتقي |
أو في رضا القلب وخفقاته |
وفي هواه الناضر العابق |
في فرحة النفس وإيمانها |
إنك فيما شئت لم تُسبق |
أنك فينا الفذ رغم الأولى |
أضووا بداء الحسد الخانق |
واستنطق الحس إذا ما انتشى |
في فيضه المنطلق الدافق |
بكل ما يلقاه في كونه |
من كونه الساجي وما قد لقي |
تلقَ الصدى الحاكي هوى طبعه |
في طبعه المنسرب الصادق |