نفضوا القلوب إلى القلوب وأقسموا |
يوم الجهاد بأنهم لن يحجموا |
وسعوا إلى شرف النضال تهزهم |
للساميات عقائد لا تهزم |
وتقحموا لجج الحياة فراسب |
يطفو وطافٍ يستبين ويقدم |
وتقاسموا شتى الحظوظ فعاثر |
يكبو ومنطلق لما يتسنم |
أطفال حلم لاح فجر حياته |
أملاً يطل على الحياة ويبسم |
وشباب فكر كاد من عجز المنى |
عن أن تكون من الحقائق يهرم |
وغراس جيل لو تفيأ نبته |
ظلاً لأزهر نَوره المتكمم |
الرائدَ المجهولَ كان رعيلُهم |
والثابتون على الغلاب همو همو |
إن راح أولهم يشق سبيله |
قُدماً فآخرهم به يتعزم |
أو أن قاصيهم أنين مرزإ |
لتوجد الداني له يتألم |
ما زالت الدنيا تدور بأهلها |
وبهم وهم دون المناهل حُوّم |
الفكر في دنيا الحقائق صارم |
في كفهم يجلو الصدا ويقوم |
والفن في فجر الحياة بروحهم |
ألقٌ يمد سنى الحياة ويلهم |
والعزم في ليل المنى بنفوسهم |
روح يؤزّ وشعلة تتضرم |
صمدوا على كر الحوادث سُبّقاً |
في غمرة طخياء يغمرها الدم |
فإذا الأباطيل العتيدة دونهم |
وهماً يطير من الرؤوس ويعدم |
وإذا الجهالة بعد طول رسوخها |
ركناً يميل مع الزمان ويهدم |
وإذا السفاسف والخرافة بعدهم |
شبحاً يزول وصخرة تتحطم |
وإذا الحياة من الحياة وليدة |
تحبو إلى الكون العريض وتحلم |
لكأنهم والليل في سدفاته |
دنيا من الظلمات لا تتخرم |
شهب تَناثرُ في الفضاء ومارج |
متوهج ألهوبه لا يفحم |
يا نابش التاريخ بين سطوره |
عقل ينوء وحجة تتهدم |
وهوىً يميل مع المدير فؤاده |
نحو الهوى الجاني عليه فيحكم |
ومؤرخ الأجيال يومض بينها |
من عهدنا الداني سنىً يتلملم |
أقصر فحسبك أن يكون لنا به |
ماضٍ يطل وحاضرٌ يتكلم |
ماضٍ شرقت بذكره متشوفاً |
وعليه بت من الأسى أترحم |
ماضٍ يشير لحاضر يعيا به |
مَن إن تكلم عنه بات يجمجم |
يا أيها القلم المطيل صموته |
من عيشه العيش الأصم الأبكم |
والقابع المفؤود تنثر فوقه |
كرب الحياة غبارها وتخيم |
والقائل الصوال حين يهزه |
لذع الشعور وحسه المتضرم |
نفّض عن الأذيال فضل غبارها |
وابح إلى الأسماع ما تتكتم |
وأثر هوى الماضي الجميل مصوراً |
لذوي الهوى ما عن هواك يترجم |
ما صاغت الأقلامُ ترهف حرة |
إلا هدى الأرواح لو نتفهم |
إلا النفوس عن النفوس تكلمت |
فحياتها لحياتها تتجسم |
يا أيها الأمل استبان سبيله |
وثنى الخطى عنه الزمان الأدهم |
الشوك دونك عارضٌ مترصد |
والطير حولك حائم يترنم |
والوِرد صوبك نهب مبترد الحشا |
أما على الصادي الهوى فمحرم |
حكم القضاءِ من القديم تساءلت |
عن سره ألبابنا لا تسأم |
رفت تميس على حفافيك المنى |
تهتز دانية القطوف وتحجم |
ومضت تعاطينا الهوى أطيافها |
حلماً يلذّ لو اشتقى من يحلم |
إنا إلى ما في جنانك غلةٌ |
وجوىً يطول حنينه المتظلم |
يا أيها الوطن الحبيب عقيدة |
وهوىً يسعره الهوى المتكلم |
الغاية الكبرى لديك يجلها |
في قلبنا الأمل المليح الملجَم |
والآملون بنوك فيك توحدوا |
سمطاً يؤلفه هواك الأعظم |
لكأنهم قلبٌ توزع اجسماً |
وُعرىً من الأكباد ليست تفصم |
وكأن مكّة في رحابك طيبة |
فيما تريد وما يسر ويؤلم |
وكأن جدة في حماك مجسداً |
للطائف الزاهي بكفك معصم |
وكأنما مجرى العقيق مرنماً |
رجع تردده بقلبك زمزم |
ما زال بعضك أين كان بقلبهم |
كلاً تجمّع غاية تتعظم |
فترقب الفجر المطل شعاعه |
في العين تومئُ في الفؤاد يدمدم |
يا أيها المثل المكرم بيننا |
رمزاً يطيب به الولاء ويعظم |
إنا نكرم فيه نزعة مطمح |
ضخم المنى لسبيله يتقدم |
وعقيدة غير الزمان ولم تزل |
بين الجوانح حرة تتضرم |
ومنى تضيق بها المنى لو أعربت |
عما نريد من الحياة وتُلجم |
ما أصدق الود الصراح يقيمه |
فعل الهوى لا ما يردده الفم |
وأجل أخلاق الرجولة ما مضى |
في الصمت مُطّرحاً لما لا يلزم |
سر الحقائق كونهن حقائقاً |
إن الشقاشق في الهواء تضخم |
ليس المقيم على الأساس بناءه |
كالهادم الدنيا بما يتوهم |
ويل العقول من النفوس تزعمت |
غرضاً على أقدارها يتحكم |
ضاقت دنى الإنسان لولا أنها |
أمل يجد وعزمة لا تقدم |
وهوت ذرى الأفكار حين تلمست |
بين المواطئ ما يقيت ويعصم |
فترصد الأيام فيك تطلعت |
للفعل تنتبذ المقال وتحكم |
واقدم إلى ما شئت كيف يشاؤه |
لك من طبيعتك البناء المحكم |
يا أيها اليوم المشقق دجية |
تسطو وشمساً تستبين وتنجم |
الليل أطول ما يمر بقابع |
يشكو ويحلم بالمنى ويهوم |
والفجر أقرب ما يكون لسائر |
وطئ الحصى وسرى يهم ويقدم |