شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
سَوْداء
أراد الموت في ظروف قاسية وقد أراد الله له البقاء.
لئن حسد الإنسان في الناس نفسه
فإني أنا المحسود والحاسد الفرد
وكيف؟ ونفسي تحمل العبء وحدها
أنوء به والقصد ما بيننا حد
عجبت لها كيف استطال استلابها
نوافل عمر ملؤه السخط والحقد
نوافل عمر ليس منا ولا لنا
وقد فات في تقديرنا فقدنا الفقد
وتافه عيش لا جديد بيومه
ولا جد فيه أو سؤالي هو الجد
قؤولاً لها هل في حياتك مغنم
ترجّينه حتى أطال بك العهد؟
وهل عذُبت يوماً حياتك كلها
وسرتك حتى طاب في حضنها المهد؟
وماذا بها؟ الناس، والناس كلهم
تماثيل للأغراض تكمن أو تبدو
أم الحب منهوماً يباع ويشترى
وإن هو إلا الوجد يفنى به الوجد؟
أم الحسن مبذولاً يسام وينتقي
فيلفظ للأدنى وما بعده بعد؟
أم الشعر أوزاناً تصاغ لتجتلي
عقوداً من الأفكار يفضلها عقد؟
أم الفن مأجوراً يسيّر عانياً
وما كان إلا الطبع تحريره خلد؟
أم الطبع أخلاقاً يعز ثباتها
فما هي إلا الضد يعقبه الضد؟
أم الحق مهزولاً وما الحق سائداً
سوى الحق يمليه القوي فيعتد؟
أم الدين أوضاعاً تراد لذاتها
ويخطئها إن راح يحصرها العد؟
أم الوطن الغالي استنام فلا صدى
لداعٍ دعا فيه سوى الصمت يمتد؟
أم الأمل العاتي بعيداً مناله
قريباً لدى النومان ما ناله السهد؟
أم الجد منكوراً تخير ناكراً
لبيض أياديه وقد فاتك الجد؟
أم المثل العالي وهذي مِلاكه
فلول معانٍ لا يتم بها مجد؟
أم المال؟ إن المال في النفس صانع
نفوس الورى كيف ارتضى قلبه الصلد
هو المال قلاب النفوس وربها
فكل امرئ مهما تسامى له عبد
هو المال قسطاس الحياة فحيثما
يكن تكن الدنيا وما دونه زهد!
فماذا بها يا نفس قبل وبعد ذا
حياتك إن أمسى حياة لك الفقد؟
رويدك صبراً لا تثوري تعصباً
فإن حياتي في حياتك تمتد
تعالي أطيلي في حياتي نظرة
وسيلتها التجريد لا الحصر والعد
فماذا بها؟ الأهل؟ والبيت عندنا
مباءة عادات يضل بها الرشد
أم الصحب؟ والأصحاب إلا أقلهم
شكول من الأسماء ينقصها الود
أم الناس؟ إن الناس في رأينا دمى
من الجهل والتقليد تحريكها جهد
فكل جنوح عن هوى الوضع سؤة
وكل من استعلى على العرف مرتد
فويل لمن مالت به النفس حرة
عن العرف والعادات أو هاجه العند
كأن مكان العرف في الناس سيد
وفكر بني الإنسان مهما علا العبد
فمن لك بالذوق الرفيع مسوداً
وبالفكر حراً مستباحاً له النقد
وبالدين إيماناً رضا اللَّه وكده
فلا شيء إلا الله والعبد والوكد
وبالطبع أخلاقاً يعز بها الحجى
وبين حناياها الرجولة تشتد
وهذي هي الأخلاق فينا تجارة
يكاثر فيها الزائفَ الكاسدَ الند
فكل مريد الكسب فيها موفق
إذا هو لم يعجزه في سوقها النقد
وحسبك بالأخلاق تصبح ملبساً
وصاحبها من كل يوم له برد
وبالدين في دنياك يندب أهله
رياء وأوضاعاً هي الجزر والمد
كأن مقام الدين منا وسيلة
إلى مأربٍ ما كان عن نيله بد
أوَ أن طلاب الشر أصل مؤرث
وبين نفوس القادرين له زند
أوَ أن سبيل الحق للحق شائك
فلا حق إلا حين يجنى به الورد
أوَ أن مجال الصدق في النفس ضيق
فلا صدق إلا ما يؤدّى به القصد
ولا قصد للثاوين تعصف حولهم
حياةُ بني الدنيا وهم في الدنى عد
سوى المطلب الأدنى سرت لاكتسابه
سراهم خشاش الأرض ما بعده بعد
فتلك وهذي في الحياة حياتنا
فماذا بها يا نفس مما له نغدو؟
وماذا بها؟ حتى كرهت مرادنا
وما هو، إلا كيفما كانه، اللحد
مرادٌ تخيرناه بعد روية
وكان لنا عند اختيارك ما يحدو
فأمسيتِ ما بين النفوس دخيلة
وأمسيتُ في الأحياء فرضاً كما أبدو
قضاء قدرناه اعتزاماً ولم يكن
ليبرم إلا أن يحدده الحد
وليس بنا جبن وليس بنا ونىً
إذا ما أردنا أو أريد بنا وكد
ولكنه المقدور يجري بحكمه
إلى حيث لا أمر بمجد ولا صد
قضى اللَّه أن نبقى فكانت تعلة
أحلتك من وعد به ينتهي الوعد
هو اللَّه في كل الأمور له يد
محركة هيهات يمنعها الجحد
فآمنتِ إيمان الهلوك تبتلت
وكان لها من برد إيمانها برد
ورحتِ تقيسين الحياة وليدة
ومقياسك الضدان حبك والزهد
فلم يُصْبك المرئي شاع به البلى
وإن بهرت من حسنه الأعين الرمد
فغمغمتِ بالشكران دوني وحيدة
ودمدمت بالكفران ليس له حد
وقلت ليَ اصبر رب يوم مخبا
تكشف عن آتٍ يدوي به المجد
ورب ليالٍ تعقب اليوم دانياً
وقد حفلت فيه المنى ملؤها السعد
وأقبلت تلقين الخطوب بسومة
وألويت لا يصيبك هزل ولا جد
فرحماك من نفس تناهى صراعها
طويلاً مع الدنيا وما نالها جهد
هُزمتِ فلم تلقِ السلاح وأنه
على عهده ماضٍ وإن ثلم الحد
فيا لك من نفس صبور عنيدةٍ
قصاراك في الدنيا مرادك والكد
ويا ليَ من وانٍ طليح مهدّم
حسدت بك التأميل يزهو ويشتد
حسدت بك التأميل يشرق ناصعاً
وليل الأسى الدامي حواليك مسود
حسدت به الإحساس عيناً بصيرة
وحساً دقيق الحس همسته وقد
وتذويبك الآلام جل احتمالها
وتهوينك الأسقام ليس لها رد
وتوليدك الأحلام دنيا رحيبة
وكوناً يبز الكون في الكون يمتد
وتفنيدك الأشياء تفنيد عارف
وإن كان في تجريبها ناشئاً يشدو
وتقليبك الساعي النفوس تنوّعت
وما لك في تعقيبها غايةٌ تبدو
فيا نفس هذي نفثة الذهن مرهقاً
وتهويمة القلب استبد به الوجد
وفلسفة الفكر العصي تمرداً
على حاضرٍ ماضٍ وآتٍ إذا يبدو
 
طباعة

تعليق

 القراءات :734  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 96 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج