الوردة الحمراءُ يا صاحبي |
قطفَتها دونيَ فَلتسعدِ |
مدّتْ إليك الثغر في فجرها |
بسامة الثغر إلى المورد |
خفاقة القلب إلى نهله |
عذب الهوى المشرق والموَجد |
حساسة الإيمان لا ينتهي |
إلا إلى ما قر في الأكبد |
والقلب لا يكذبه حسه |
رجعَ صدىً للأمس أو للغد |
والحظ لا يخطئ أهدافه |
في بابها المفتوح والموصد |
والحب ما فرق في دينه |
بين اختلاف الدين والمحتد |
كالروض يحوي الورد فيما حوى |
والزهر والأشواك لم تبعد |
يا وردتي إن قلت يا وردتي |
وأنت في كف سواي الندي |
في كف من أولاك من عطفه |
العطف مستوراً وفي مشهدي |
ومن حباك الحب من فيضه |
يبيت دامي القلب كالمسعَد |
فيضي على حاضرك المجتلي |
الفتنة الفتنة لم تنفد |
الفتنة الفذة لا يمتري |
فيها سوى العذال والحسَّد |
وسامري النجم مطيفاً بها |
وعانقي البدر لها مفتدي |
ورقّصي الروضة مياسة |
تخطر في أغصانها الميّد |
وشاركي القمري ألحانه |
وسبحي والفجرَ أو غردي |
وألهمي الفن حفياً بها |
فناً شأى القمة في المصعد |
فإن من صافيت في قلبه |
دنيا حياة ما بها من صدي |
وإنه الطود الذي نحوه |
إن مال عاني القلب لم يجهد |
يا وردتي كوني كما يرتجى |
من الورود الحلوة الخُرّد |
في نضرة الورد لا عمرها |
وفوق ثغر الغُصن لا في اليد |
في ما يُفيض الحسن لا ينتهي |
أحمرُه الزاهي إلى أسود |
فالأمل السامي إلى فكرةٍ |
إن خابَ غاب العمرَ في ملحد |
وأنت يا من لا أسمِّي اسمه |
فغاية التعريف للأبعد |
يا أقرب الناس إلى مهجتي |
والروح والفكرة في منهد |
أحببت فيك الحب لا غاية |
فيه سوى الحب إلى مهتدي |
وعشت منك العمر في فتنة |
موصولة الفرحة والمولد |
وقلت فيك القول أغزو به |
قلب حبيب أو غوٍ معتدي |
وذقت حلو الود يسخو به |
روح إلى الأرواح كالفرقد |
صن وردة ما كنت في قطفها |
بالخاطف الجافي ولا المجتدي |
ولا الغرير القلب والمجتوَى |
ولا الخسيس الطبع أن يزهد |
فإنها الوردة في سرها |
سر الهوى المستتر السرمدي |
وإنها الفتنة ولاّدة |
لا تنتهي إلا بما تبتدي |
وإنها الحيرة فتانة |
يضل فيها هديه المهتدي |
محتفلاً بالتيه في تيهها |
الواحد الزاخر بالأوحد |
وإنها يا طيبها! إنها |
كل الذي يرجوه ذو مقصد |
عاب عليها بعضهم إنها |
ملحاحة العَرض على المجهَد |
وقال ناس ليتها لم تكن |
قريبة المأخذ للورّد |
لكن من عاب على غرة |
منها ومن قال على مشهد |
ما كان إلا حاسداً مبتلى |
أو خائباً ذيد عن المورد |
قد ألف الحرمان في حكمه |
بينهما أعمى فلا يهتدي |
يا ناهب الجنة مستمتعاً |
بالبارد العذب وبالأبرد |
وباللظى الفاتن في وقده |
الثائر الرجّاف طوع اليد |
اللَّه أعطاك أجاويده |
والحسن قد حاباك بالأجود |
يفتقد النعمى أخو فاقة |
والدفءِ، من بات بلا مرقد |
فالجنة الحلوة لا تُشتهى |
ولا تُرى إلا من المبعد |
الليل قد طال على شاعر |
كالليل يلقاه على موعد |
كالليل في دنياه مخمورة |
بالأمل السارح من مرصد |
كالليل في تقواه مزهوة |
بالقائم الهائم في المعبد |
كالليل في بلواه منثورة |
تسخر بالرشد وبالمرشد |
كالليل للأنفس عريانة |
رغم رداء العقل والمرتدي |
كالليل في كل أفانينه |
فيما نضا أو لف من ابرُد |
يلقاه للنجوى وبث الأسى |
وللهوى الرائح والمغتدي |
لكل ما يُرهب أو يفتدى |
في كونه الفنان لم يزهد |
هذي حياة الفن ضاءت بها |
هدياً حياة العبد والسيد |
وتلك دنيا الروح ذابت بها |
شأواً خُطى العدّاء والمقعد |
اتسعت فالقلب في ساحها |
كالقلب والفاجر كالمهتدي |
فالغور والقمة والمرتقى |
طي صعيد واحد أوحد |
هيهات يعرى الجسم يا صاحبي |
من روحه والروح من موقد |
أو يدع الفنان أحلامه |
أو تخضع الأحلام للمقود |
أو يستر الوردةَ عنا الشذى |
يندس كالأجساد في المجسد |
حتى يخي السر إلى ربه |
ويسكن الموجود في الموجِد |