دعِ الْمَذَاهِبَ.. في مَسَارِبِها |
تلمَّستْ بين أَوضارِ الثَّرى نَفَقَا |
فاليومَ تَنْبَعِثُ الذِّكرَى.. مُدَوِّيَةً |
شَأَى الزَمَانُ بِهَا فَوْقَ المَدَى.. وَرَقَا |
عِطْرِيَّةَ النَّفْحِ.. لا تَنْفَكُّ سِيرتُها |
فِي عَيْنِ مَنْ رَاءَ.. أَوْ فِي ثَغْرِ مَنْ نَطَقَا |
فالهجرةُ الهجرةُ الكُبْرى مَنَارُ هدىً |
لِلَّهِ.. للدِّينِ.. للإِسلامِ مُنْطَلَقَا |
مَشَتْ على سَنَنِ التوحيدِ.. هازِجةً |
تَأَطَّرَتْ بين أَدْرانِ الجهادِ.. تُقَى |
وَضَيئَةَ النَّهْجِ صانَتْ فيه سالِكُهُ |
ما حَادَ عنْه.. وأَقْصَتْ عنه من مَرَقا |
يشْدُو بآياتِها التاريخُ.. قد حَفَلَتْ |
أَسْفَارُهُ بجلالِ الحقِّ.. ما زَهقَا ! |
* * * |
يا قلبُ لا زلتَ عمْراً في مَسَابِحِها |
هَفَا بِجَنْبَيَّ مَسْبوقاً ومسْتَبِقَا |
دثَّرْتُهُ بالهَوَى طِفْلاً تُراوِدُهُ |
رُؤَى الطَّفولةِ حُلْماً بالْهَوَى عَبِقَا |
فاكْتَنَّ يَسْبَحُ في أَمواجِه مَرِحاً |
وافْتَنَّ يَمْرَحُ في أَجْوائِه.. طَلْقَا |
وهَدْهَدَ الحُبَّ عُذْرِيًّا.. يُرتِّلُهُ |
شِعْراً تَجَاوَزَ حَدَّ السَّمْعِ.. مُسْتَرِقَا |
إِلى النفوسِ تَرَجَّتْهُ.. مُهَلِّلَة |
ولِلْقلوبِ تَلَقَّتْهُ هَوىً.. غَدِقَا |
حتّى إذا شَبَّ عن طوق المُنَى أَمَلاً |
ورَادَ مَرْعَاهُ.. حِسًّا شَبَّ.. مُنْدَلِقَا |
أَلقَى الزِّمَامَ إِلَى كفِّي مُعَرْبِدَةً |
أَصْداؤُه في كيانٍ ضلَّ مُنْزَلِقَا |
وقال: حَسْبُكَ أَنِّي عِشْتُ مُحْتَقِباً |
وَهْماً.. وَأَوْفَضَ دوني سادِراً.. نَزِقَا ! |
* * * |
يا قلبُ.. قد فاتَ ـ مَالاَ كان ـ وَأَنْفَرَطَتْ |
أَيّامُه ذكْرياتِ العُمرِ ـ مُحْتَرِقَا |
هذا مجازُكَ فاعْبُرْهُ.. مطرَّزةً |
لدى الجِنانِ َمَمَاشِيْهِ.. وقد أَنِقَا |
بالحبِّ.. لوناً عَلِيَّ القَدْرِ مُنْتَسِباً |
إلى السَّمواتِ.. لا دُوْناً ـ ولا زَلِقَا |
بالطهْرِ معنىً رقيقَ السِّتْرِ.. مُنْسَدِلا |
على الجَوانحِ رُوحاً شَبَّ مُصْطَفِقَا |
بما تُكِنُّ.. بما تَهوَى مشاعرُنا |
أَلْقَتْ إلى دَرَن الدنيا هوىً قَلِقَا |
واسْتَبْدَلَتْهُ بِصافٍ من هِدَايتِها |
مَرْجُوَّةَ العفوِ عمّا غابَ.. مُفْتَرِقَا ! |
* * * |
يا قَلْبُ.. يا أُلْفَتي في العُمْر.. رائدةً |
مُرْتَادَةً من حياتِي كلَّ ما خَفَقَا |
إِنَّا بساحِ رسولِ اللّهِ.. يَغْمُرُنا |
فَيْضٌ تَبَلَّجَ عن رَجْراجِهِ.. فَلَقَا |
فيضٌ من النُّورِ.. يَعْلُو في مداركِهِ |
عن النواظرِ.. لَمْحاً.. والنُّهى.. أَلَقَا |
في بُقْعَةٍ طَيَّبَتْها الصالحاتُ هَوىً |
للصالحاتِ مثالاً في الوَرَى سَمُقَا |
فَصِلْ صَلاَتَكَ نَجْوىً.. عَزَّ رائِقُها |
قَصْداً.. وجَلَّ صَداها فيك مُنْبَثِقَا |
وقُلْ لِحُبِّكَ زِدْني في رضاكَ جَوىً |
ففي جَوَاكَ رَضِيْتُ الأَيْنَ والأَرَقَا ! |
* * * |
هذِى مُنَاكَ تَنَاهَتْ في حقيقتِها |
معنىً ـ ورادَتْك مَجْلىً ما أَشْتَكَى رَهَقَا |
فَالْفَجْرُ بالمَسْجِدِ المَحْفوفِ زائرُهُ |
بالطِّيباتِ طيوفاً.. رَفَّ وأْتَلَقَا |
والهَدْيُ بالرَّوضةِ الغَرَّاء مُشْرِقَةً |
كالسّحْرِ رَقَّ نَدِيًّا ـ ناصعاً ـ يَقَقَا |
والوَجْدُ من هَمَسَاتِ الذِّكرِ مُرتَشِفاً |
عَرْفَ الجِنانِ.. هَفَا للخُلْدِ واصْطَفقَا |
والفَيْضُ في سَبَحَاتِ الروحِ خاشَعَةً |
قد نَضَّ وَاسْتَبَقَ الإِحْسَاسَ وَانْدَفَقَا |
والرُّوحُ في الحَضْرَةِ العَلْيَاءِ لاثِمَةً |
جَوَّ النُّبُوَّةِ.. إِيماناً بها نطَقَا !! |
* * * |
هذا صِراطُ حَبِيبِ اللَّهِ سَيِّدِنا |
مُحَمَّدٍ من دَعَا التَّارِيْخَ فَانْطَلَقَا |
مُسَطِّراً ذَهَبِيَّاتٍ مُخَلَّدةً |
على الزمانِ بها جَازَ المَدَى سَبَقَا |
أَزْجَى السَّلامَ إلى الدنيا وحَبَّبَهُ |
للكونِ بَعْثاً.. وزان الحُبَّ حيثُ رَقَا |
وطَهَّرَ القلبَ موصولاً بِبَارِِئِهِ |
مُبَرَّءاً.. قد تحاشَى الجَوْرَ والْمَلَقَا |
ومَدَّ للرُّوحِ مِعْراجاً تطوفُ بهِ |
أُفْقَ السَّمواتِ.. فَجْراً.. والدُّنَى ـ شَفَقَا ! |
* * * |
هذا العزيزُ الذِّي نارَتْ هدايتُهُ |
للحقِّ نَهْجاً غدا من بعدِهِ طُرُقَا |
الناشرُ الوَحْدَةَ الكُبْرَى لأُمَّتِهِ |
أَمْسَتْ على كرَّةٍ من عهدِهِ فِرَقَا |
والباعثُ القُوَّةَ العُظْمَى لِرائدِها |
بما جَلاَهُ يقيناً راسخاً.. صَدَقَا |
أَفْنَى قُرَيْظَةَ.. وأَسْتَخْذَتْ لِعِزَّتِهِ |
بَنُو النَّضِيْرِ ـ ومَادَتْ خَيْبَرٌ مِزَقَا |
وطالَ ذُلُّ يَهُودٍ في الوَرَى بَدَداً |
عاشَتْ تُعانِيْهِ.. لولا هَوْنُ مَنْ لَحِقَا |
هذا الحَبِيْبُ الكريمُ.. المُجْتَبَى أَلَقاً |
والمُرْتَجَى.. غَدَقاً.. والمُصْطَفَى.. نَسَقَا |