يا شباباً لم نَبْكِهِ لشبابِهْ
|
بل بكَيْنا.. لِكَدِّهِ وطِلابِهْ!
|
وبكيْنا.. لعلْمِهِ مُستَمَدًّا
|
من مُضيئَين.. عَقْلِهِ وكتابِهْ!
|
ويح هذي الحياةِ.. تروى من
|
النَّبْع وتُظْمى.. ببُعْدِهِ واقترابِهْ!
|
أَيُّها النَّبْعُ.. صافياً سلسبيلاً
|
كان يَرْوي العطاشَ عَذْبُ شرابِهْ!
|
كيف جفَّ النَّميرُ منه وكُنَّا
|
يومَ أَمْسٍ.. نرى غزيرَ عُبابِهْ؟!
|
حَوْلَهُ فِتْيَةٌ.. صغارٌ.. كبارٌ
|
عرفوا المجدَ والتُّقى في رحابِهْ!
|
عرفوا فيه أَلْمعيَّا.. يرى الرَّأْيَ
|
فيُدْني سهولَهْ من صعابِهْ!
|
فتواصَوْا به.. فقَد كان كالتِّبْر
|
يرى الغِشَّ في بقاءِ تُرابِهْ!
|
ويرى الرَّحْمةَ الخصيبةَ في الحزْم
|
فيغدو والحزمُ مِلءُ إِهابِهْ!
|
* * * |
يا شهاباً قد اختفى.. وظلامُ الليل يهفو.. لومْضَةٍ من شهابِهْ!
|
والحنايا التي أَضاءَتْ من الكوكب.. حنَّتْ إِليه بعد غيابِهْ!
|
كان مِثْلَ المنار يهْدي إِلى الدَّرْبِ فكيف اختفى وراءَ ضَبابِهْ؟!
|
كيف قد آثرَ الذَّهابَ إِلى الخُلْدِ.. ولم يُؤْذَنوا بقُربِ ذهابِهْ؟!
|
إِنَّ في الأَرض ثلَّةً من مريديهِ.. شجاها الأَسى.. ومن أَصحابِهْ!
|
تتلظَّى.. وما لظاها من البَيْنِ ولكنْ من رُزْئِها بمصابهْ!
|
فهو رُزْءٌ مضاعَفٌ بمعانيهِ بما يستمدُّ من أَسبابِهْ
|
نابِهٌ غاب عن حماه ـ وأَمْسى ـ بعد ما كان رِيّهُ.. من سرابِهْ!
|
* * * |
ما هَوْى النَّجْمُ.. إِنَّ للنَّجْم عُمْراً.. خالداً.. في ظهوره واحْتجابِهْ!
|
خالداً بالذي أَقامَ من المَجْدِ.. عظيماً.. في ظَعْنِهِ واغْترابِهْ!
|
هذه حَوْلَهُ القلوبُ.. وقد سَارَ.. تراه في بُعْدِهِ كاقترابِهْ!
|
من بَنيهِ الَّذين ما افْتَقَدوا الرُّوحَ التي بثَّها.. ومن أَترابهْ!
|
إِنَّ للجسْمِ أَن يزول.. وقد زال.. وللرُّوح.. خالدُ الذِّكْرِ نابِهْ!
|
ليس للنَّاسِ كلِّهم.. هذه الذِّكرى.. بهذا السَّنَا.. وهذى المشابِهْ!
|
* * * |
ليس طولُ الحياةِ.. أَنْ عَمَّرَ المرءُ سنيناً.. ونالَ من آرابِهْ!
|
إِنَّ طولَ الحياةِ.. أَنْ يُخْصِبَ العُمْرُ.. فيجْني الأَنامُ من إِخْصابِهْ!
|
والحسيب الحسيب في هذه الدُّنْيا.. الذي يُسْتَضاءُ من أَحْسابِهْ!
|
رُبَّ ذي نِسْبَةٍ إِلى المجْدِ يُخْفيها.. فَيُفْشى الزَّمانُ سرَّ انتسَابِهْ!
|
* * * |
يا شباباً بكى على الأَمَلِ الرَّاحِلِ.. كُفُّوا.. أَنْتُم ثِمارُ شبابِهْ!
|
ليس يبكي الرِّجالُ مَجْداً تولَّى.. بَعْدَ ما شاد من رفيع قِبابِهْ!
|
أَنتموا المجْدُ.. بَعْثُهُ.. فاطرقوا المجدَ.. بعزْمٍ يهزُّ من أَبْوابِهْ!
|
والْبَسوا منه.. خَيْرَ مَا يلْبَسُ النَّاسُ.. القديمَ.. الجديدَ.. من أَثْوابِهْ!
|
إِنَّ هذا الصَّنيعَ للكوكب الآفِلِ.. ممَّا يراه خَيْرَ ثَوابِهْ..!
|
من أَراد الخلودَ.. فلْيَنْذُرِ النَّفْسَ له.. للعكوفِ في محرابِهْ..!
|
* * * |
يا حجاباً على العيونِ.. وما يَحْجُبُ عن قَلْبِنا صفيقُ حجابِهْ..!
|
سنراه.. وإن تحجَّبَ بالغيْبِ.. ونروي غَليلَنا.. من سحابِهْ..!
|
شفَّ عنه نِقابُه.. فتبدَّى.. من وراء الوجودِ.. خَلْفَ نِقابِهْ!
|
رَحِمَ اللَّهُ.. مَنْ إِذا ما ذكرْناهُ.. ذكرنا القليلَ من أَضْرابِهْ!
|
* * * |