شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
هكذا ننتهي
* بقلم: أحمد السباعي
كنت ـ يا سعيد ـ زميلاً لنا، وكنا أكثر من المائة فكنت أظهرنا حياة وأقوانا شخصية وأنفذنا قولاً على ما في سنك من حداثة.
كنت تشارك زملاءك في حركاتهم الأدبية فلا تلبث أن تتزعمهم ولا تلبث أن تحتل الصدر من مجلسهم ثم لا تلبث أن تغنيهم في شخصك.
في مثل الأسلوب القوي عشت حياتك فأية مأساة نواجهها في فقدك وأية خسارة فادحة نمني بها.
سعيد!!
عرفتك فتى وما كنت أعدل في شهامتك ونبل أخلاقك خلاً، وكنت بقدر تمجيدي صداقتك أنعى عليك أبداً شدة المراس وصعوبة انقيادك للفكرة السائدة والذوق العام إلى أن فهمت أنها شذوذ في القوة وحياة لها قيمتها في تكوين شخصيتك الفذة.
وعرفتك شاباً فكنت أخافك وأخاف عليك.. أما الخوف منك فلأنك هائل كالرعد صوتاً والمدافع قصفاً والسيل بطشاً.
أما الخوف عليك فمن هذه الحرارة التي كان يصطلي بها جسمك ويغلي منها دمك والتي كانت تؤثر في أعصابك فتجعل منك حركة دائبة لا تعرف للاستجمام والراحة معنى.
ارهاق متواصل بين عملك ومئات الأعمال التجارية والأدبية والاجتماعية، مضافة إليها مطالعات صحف لا حدود لها، ومراجعات تاريخية لا نهاية فيها وصحائف تدبجها يراعتك في تحقيقات أثرية آناً وبحوث سياسية مرة وفصول أخلاقية أخرى كل هذا عدا أعمالك في ملفات الجمعيات التي كنت عصبها والشركات التي كنت مدارها، وعدا دوسيهات العمل الرسمي التي كنت لا تغادر فيها حرفاً واحداً لا يمر به قلمك ويمضي فيه رأيك. شتات من الأعمال والأفكار لا تنتظم في فكر ولا تجتمع لرأس ولا يضطلع بها فرد إلا أن يكون فذاً لا يمضي عليه نظام الأجسام، أو متهوراً لا يعرف وظائف الأعصاب.
وكنت أخاف عليك من جرأتك وأنت لا تزن الصعاب ولا تخشاها، و تصدع بالرأي تراه لا تبالى مغبته ولا تخاف هلكته، وتمضي إلى الجلل لا يهمك ركبته أو ركبك حتى تسلسله أو يفضي بك إلى نوبة المرض العضال الذي اصطلح عليك ـ فوا رحمة لك يا سعيد ـ.
كلها أحوال من شأنها أن تأتي على مثل بنيتك وتقضي على آمالنا المنوطة بكاهلك.
وها قد كان.. كان ذلك يا سعيد فقد فُجعنا في شبابك ولم يكتمل، وقضى على شيء كبير من آمال كنت محلها ـ فوا رحمة لك يا سعيد ـ.
هكذا انتهيت وهكذا ينتهي الانسان، تاركين في أمتهم ديوناً مثقلة عليهم للروعة والنبل وحسن المقابلة أنى يضطلعون بها فهل نكون الأوفياء لتركتك في أطفالك ولما يتجاوز أكبرهم سن الكتاب فنأتيك احساناً باحسان وفضلاً بفضل ـ اللهم إنها تجارب الحياة يميز الله بها عباده.
(( صوت الحجاز ))
الأربعاء 18/4/1306هـ.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :694  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 43 من 52
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.