شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
نحن والعادات
بحث في الزواج (3)
الكشف الصحي ضروري للمتزوجين من الرجال
من المؤسف أننا نبقى متمسكين بالعادات القديمة التي تنخر في كياننا وتقض في مجتمعنا ويجب أن نعرف أن اليوم غير أمس، وأن في العادات الطيب والفاسد، كما أنه يجب أن نفتش على كل ما يقوي أجسامنا ويحسِّن صحتنا غير ملتفتين إلى أن ذلك ينافي عاداتنا، القديمة، لأن صحتنا مقدمة على كل شيء ((الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراها غير المرضى))، وما دامت كذلك فلماذا نتحاشى الطريق التي توصلنا إلى سلامتنا.
إن الواجب يقضي علينا بأن ندخل على عاداتنا كثيراً من التعديل فنلفظ السيء ونستبقي الحسن ونضيف بعض أشياء ضرورية لحياتنا، فنقدسها كما نقدس العادة الآن، وليس هذا التقديس من أجل أنها عادة، لا، بل من أجل أنها مفيدة لنا ولحياتنا.
جرت العادة ـ وهي عادة مبنية على غير شيء من الحكمة والتروي ـ بأن الزوج إذا اتفق مع أهل العروس على الزواج يقدمون حالاً لإعداد معدات الأفراح بدون أن يفتشوا أو يبحثوا عن الحالة الصحية، واني أرى في ذلك خطراً عظيماً لا على حياتهما فقط بل على حياة نسلهما أيضاً. وأن النظر الخارجي لا يكفي لنفي المرض لأنه قد يكون الإنسان مريضاً وهو نفسه لا يشعر بذلك، إلا بعد أن يحمل عليه المرض بخيله ورجله، نسأل الله السلامة والحماية، كما أنه كثيراً من الأمراض تكون داخلية فلا يعلم بها أحد غير المريض، ومن أراد أن يطلعه على ذلك، ومع الأسف فإن هذه الأشياء كلها لم نلاحظها، ولم نعتن بها لأن أكثرنا يعتقد أن بحثها أو التفتيش عنها فضيحة وعيب، وهذا الاعتقاد اعتقاد فاسد يجب أن نضرب عنه صفحاً، ونتغلب عليه بقوة حديدية ما دام في ذلك سلامة مجموعنا، ما دام في ذلك تحسين حياتنا الزوجية، ما دام في ذلك سلامة نسلنا أفلاذ أكبادنا.
من المؤسف أن نقيد أنفسنا بقيود مهلكة في أشياء لا طائل من ورائها، كما أنه من المؤسف والمؤلم معاً أن نكون في حل من تقييد نفوسنا في أشياء يقضي بها الواجب وتأمر بها المصلحة. إني أقول وأكرر بضرورة إخراج كشف صحي للزوج فقط ـ ولا أقول للزوجة معه لأسباب لا تخفي على من تدبر وتبصر ـ قبل عقد النكاح لأن ذلك مفيد لنا ولازم لسلامة حياتنا، وحفظ نسلنا. ونظراً إلى أن هذا من واجبات ((مصلحة الصحة)) فإني ألفت نظرها إلى ذلك العمل اللازم، وهي أدرى بالطرق التي يمكنها أن تطبق بها هذه النظرية تطبيقاً يصونها من العبث، لأن ذلك ضروري للأمة، و((مصلحة الصحة)) لا شك تعرف ذلك، أنا أعتقد أن كثيراً من الناس ـ سامحهم الله ـ سيسخطون عليَّ لطلبي هذا، وربما قالوا عنه: ((هذه مجاغة)) وما شاكلها، ولكن ذلك لا يهمني لأني متيقن من أن الحاجة ماسة إليه، وأعرف أن كثيراً من الزوجات المسكينات خرجن من بيوت أهلهن وهن صحيحات الأجسام فعداهن أقرب الناس إليهن ((أزواجهن))، صدقني أيها القارىء، إذا قلت هذا قد حدث، وقد روى لي صديق أعتمد صدق روايته بوقوع حوادث عديدة من هذا القبيل، لطفك اللهم ورحمتك.
إن الكشف الصحي يفيدنا من جميع الوجوه، وربما كان منها لأحدنا على مرض لم يشعر به ولم يعلم عنه شيئاً، فيقاومه ثم لا يوجد أقل ضرر إذا نحن قمنا به، فهو والحالة هذه إذا لم يفيدنا وينفعنا لا يضرنا، وما دام كذلك فيجب أن نجعله كعادة بيننا أو إذا فعلنا ذلك فنكون قد حافظنا على صحة الكثير منا، وقاومنا الأمراض التي تعتري أجسام بعضنا، وإذا أهملنا ذلك فنكون مسيئين أو مذنبين، فأيها أحسن؟ أيهما أصلح.
مكة المكرمة (( الغربال ))
جريدة (( صوت الحجاز )) العدد 26
الاثنين 2 جمادي الثاني سنة 1351هـ.
الموافق 3 اكتوبر سنة 1932م.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :701  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 9 من 52
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.