شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحالة الأدبية عندنا!
ألمح بين عدد غير يسير من الشباب ظاهرة خطرة على كيان نهضتنا الأدبية الحديثة، هذه الظاهرة هي حبهم للظهور وتكالبهم على الشهرة الكاذبة بشكل يزرى بكرامة العقل والتفكير المتزن. ويهدد مستقبل هذه النهضة المباركة التى نحاول تنظيم الجهود في تنميتها وظهورها بمظهر رزين يقوم على أسس متينة فما كانت الشهرة في عصر من العصور في أرحب آفاقها وفي أوج انتشارها بالمقياس الصحيح لدى العقلاء للتفوق والنبوغ وليس من جيل من الأجيال أحق بأن لا يخدع بالمظاهر الخلابة من هذا الجيل الذي نعيش فيه والذى أصبح يزن الأشياء بميزان دقيق بعد أن غزى العلم في عهده هذه المعمورة غزواً مظفراً لم يسجله تاريخ أي جيل من الأجيال الغابرة فتقومت بذلك الطبائع وغدت تفهم الأشياء فهما مستقيما يتلاءم وما يحتاجه العقل في تفكيره والقلب في خوالجه واحساساته فالشهرة الصادقة سبيلها العمل المنتج لا الشعوذة العقيمة التى ان فازت باعجاب الدهماء الوقتى فانها لا تلبث أن تنصهر وتتلاشى من نظرة نارية واحدة يرسلها نظر حازم وفكر مستنير.
والواجب الأدبى الذي نساهم في حمل اعبائه بهاته البلاد يضطرنا إلى الذود عن كرامة هذه النهضة وصونها من عبث العابثين الذين يحاولون بحماقتهم أن يعكسوا عليها أغراضها وأن يشوهوا من سمعتها وأن يوهنوا من تماسكها، والا فليس بضائرنا أن يزداد عدد الأدباء في هذا البلد الجديب وأن يضاف إلى الانتاج الأدبى فيه شئ، وانما نرمي إلى أن يكون الأديب ناضجا والى أن يكون انتاجه الأدبى مختمراً سائغاً.
ان نفوسنا بطبيعتها أميل إلى البناء منها للهدم في هذا الدور التأسيسى الذي نقطعه، ولكن ليس معنى ذلك أن نتغاضى فنسمح للعناصر السقيمة أن تنحشر في هيكل بنائنا الأدبى فانابذلك نضع بأيدينا لغما مبيداً في جوف هذا الهيكل القدسى لا يلبث أن يدكه دكا ويبعثر أنقاضه بعثرة خبيثة.
وانا لنبارك كل انتاج أدبى ونشجعه ونبعثه إلى النمو والازدهار اذا آنسنا الحياة تدب بين أوصاله وهذه الحياة في نظرنا هي صدق الاحساس فكل أثر أدبى لا تنبض فيه هذه الخالجة هو أثر غث لا دسم فيه ولا غناء.
وليس الأدب ـ كما يتخيل الكثيرون ـ لفظا ومعنى فحسب، بل الأدب قبل أي شئ هوالمظهر الخارجى للتصور الصادق الذي يصطخب في صدور الأحياء المحسين ويجيش في نفوسهم.
وحسب الأدب قيمة أن يكون مظهراً لهذه العاطفة الجليلة الخطر وكيف تطلب من كاتب لا يشعر هو بما يكتب ولا يدين به أن يغذى شعور قرائه وأذهانهم بتلك المادة الخشنة الجامدة التى يقدمها اليهم أو أن يهيج ذلك الشعور وهاته الأذهان وينشطها بها وهي لا تستساغ ولا تنهضم.
وبعد أفكلما عكف أديب موهوب على تصحيح المقاييس الأدبية وإسداء يد صالحة للأدب بنصح المتأدبين المتهوسين في هذا البلد ومحاولة تقويمهم وإرشادهم إلى ماهية الأدب الصحيح ركبوا رؤوسهم وأصروا على غوايتهم وأمعنوا في أفنهم ونقيقهم المزعج!
لقد ضقنا ذرعا بهؤلاء الذين يريدون منا أن نخرج على طبيعتنا وأن نجعل من الأدب مطيعة للتهاتر والأقذاع، ونحن زعيمون بأن نركب هذا المركب الوعر وأن نحطم تلك الهياكل والأشباح الشريرة التى تكيد للأدب ما دامت تأبى الا أن تلح في نقيقها وهرائها.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :401  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 174 من 181
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج