لا إصلاح مع الرياء |
نقلنا هذا المقال عن كتاب أدب الحجاز الصادر سنة 1345. |
أيها الرفاق |
نحن اليوم على مفترق الطرق. فاما سعادة دائمة، وإما شقاء واقع. |
لقد تقلص ذلك الماضي على ما فيه من خير وشر وأصبحنا إزاء حالة جديدة، وتطور عظيم اذا نحن لم نسر فيه على منهج قويم وبقدم ثابت لا نأمن العثار، ونسقط في هاوية لا مخرج لنا منها. |
ان البلاد تجتاز مرحلة لم تتعود السير فيها، وقد ألقت زمامها في أيدى قادتها وها هم سائرون. |
نريد الاصلاح، الاصلاح في كل شئ، ولكن لا إصلاح مع الرياء. |
لقد تعود قادتنا من أبناء أبينا أموراً أصبحت فيهم بحكم العادة طبعاً خامساً. |
هذه الأمور: هي الرياء في كل شئ، عدم الاخلاص في القول وفي العمل، الاغترار بالمظهر دون الجوهر، السير مع المصلحة الذاتية، وتضحية المجموع في سبيلها، العمل على انفراد، التعصب للرأى الأفن، يضاف إلى ذلك ضعف في العزيمة، ونقص في الشجاعة الأدبية، وقصر في الحالة الفكرية، وغير ذلك. |
فهل يرجى الصلاح من أناس هذه حالتهم؟ لا وربي، يسمع الناس صراخنا وترديدنا كلمة (الحجاز للحجازيين) فيضحكون علينا ويهزأون بنا، وهم على حق... أين هم الحجازيون؟ هل في الحجاز علم أو تعليم؟ هل في الحجاز حكماء؟ هل في الحجاز قادة؟ هل في الحجاز زعماء؟ هل في الحجاز صحافة؟ هل في الحجاز نواد أدبية؟ بل هل في الحجاز رابطة أدبية أو وطنية؟ لا وحق الوطن التعس لا يوجد كل هذا اليوم...! |
أين هي الدعامة القومية التى يرتكز عليها هذا القول: الحجاز للحجازين؟ انها يا قوم لكلمة أكبر مما تظنون وأعظم مما تتصورون. |
دعونا بالله عليكم من هذه الجعجعة، وسيروا بنا في طريق العمل: العمل النافع الذي نستطيع أن نسحق به ما استحكم فينا من رذائل العادات. |
ان هذه الكلمة أيها الرفاق، لا ينبغى أن يتلفظ بها الا من تربى في وسط حر تحت راية الاستقلال التام، ومن يستطيع أن يكوِّن له رأياً مقبولا في ادارة شؤون أمته. |
ان هذه الكلمة أيها الأصدقاء، معناها حرية الأمة، وحكم نفسها بنفسها، فهل نحن لتحقيقها من العاملين؟ |
اننا اذا حرمنا منها لا يكون لنا وجود في الوجود، فهل نعمل اليوم لاسترداد المفقود وإصلاح الموجود بقلوب ملأى بالايمان، وعزائم تناهض الحدثان وتغالب الأيام؟ |
نعم نعمل اذا أخذنا نجمع أجزاءنا المفرقة، وأغضاءنا الممزقة، ووحدنا كلمتناوارادتنا الكلية والجزئية، وسددناهما نحو سعادة الأمة الحقيقية. |
وفي ذلك اليوم يصح لنا أن نقول بحق: الحجاز للحجازيين. |
في ذلك اليوم يشعر الحجازي أنه عضو عامل في الأمة، يسعد بسعادتها، ويشقى بشقائها تحت لواء الاتحاد والاخاء والمساواة والعدل |
في ذلك اليوم ينفسح أمامنا مسرح الفكر، ويتسع لنا مجال العمل، ويكون لارادتنا وميولنا تأثير في رقى مجتمعنا. |
فخلصونا يا قوم من الرياء، وسيروا بنا نترفع عن الدنايا وننهض إلى المعالى. |
سيروا بنا نخرج العقول من مضايق الشخصيات! |
سيروا بنا نقوى العزائم ونهيب بالهمم! |
سيروا بنا إلى الاستنتاج الصحيح من المقدمات اليقينية! |
سيروا بنا نصون الأعمال من الخلل! |
سيروا بنا نتسابق إلى الأعمال الشريفة! |
سيروا بنا نتنافس في جلب المفيد للأمة! |
وحينذاك نرتقى في مدارج الرفعة متنقلين من الصالح إلى الأصلح حتى نصل إلى درجة الكمال. |
وذلك هو الاصلاح المنشود! |
* * * |
|