شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
فاجعة
أيها الليل!
يامستودع انات قلبى الكسير، وآهات صدرى الكليم!
أيها الليل!
يا شريك سعادتى الذاهبة؛ وشاهد أفراحى الفانية
أيها الليل!
يا ينبوع العزاء، ويا رسول الرحمة إلى البؤساء!
أيها الليل!
يا ناموس القلوب الملتهبة الشاكية، ويا مجير النفوس المظلومة الخائفة
أقبل بربك يا ليل، إلى، إلى، فقد نفذ الصبر وعز الدواء...
إلى، وليتدفق دمعك هتونا، وليرتجف قلبك الجبار هلعاً
* * *
إلى ولا تهرب حين ترى آثار العدم والبلى تلوح على الرياض والحقول!
إلى ولا تهرب حين ترى العبوس مرتسما على وجه الأفق والجزع يتمشى في أطراف الصحراء السعيدة
إلى ولا تهرب حين ترى الطير لا يشدو بألحانه، والهواء لا يعزف على قيثارته، والأشجار زاهدة في الرقص
إلى ولا تهرب حين ترى الطبيعة كلها في نحيب وأنين
إلى وليتدفق دمعك هتونا، وليرتجف قلبك الجبار هلعاً.
* * *
إلى وضمنى إلى قلبك الزاخر بالحنان
إلى أمسح على اكتافك عبراتى
إلى أسمعك أناتى وآهاتى
إلى أحدثك كيف بادت سعادتى
إلى وكن رحيما بى يا ليل وليتدفق دمعك هتونا، وليرتجف قلبك الجبار هلعاً.
* * *
إلى وتأمل، ذلك النعش الذهبى المكلل بالورود والرياحين.
تأمل ذلك الحشد الكبير من ملائكة الرحمة كيف يمشى حاسر الرأس دامع العين
تأمل أسراب الطير كيف تطوف بالنعش حزينة مهيضة
تأمل تلك الجداول والجعافر كيف ترغى غيظاً، وكيف تلتهب غضَبا
تأمل أشعة ذكاء كيف تسطع حزينة صفراء
تأمل الأفق كيف يتلظى ألما، والغمام كيف يتفطر حزنا
تأمل واسمع كيف يوقع النسيم على قيثارته لحن الحزن والرثاء
تأمل ففى ذلك النعش جدت سعادتى، وأولئك هم مشيعوه إلى مقره الأخير
تأمل وكن بى رحيما يا ليل، وليتدفق دمعك هتونا، وليرتجف قلبك الجبار هلعا.
* * *
حسبى منك يا ليل هذه الأنامل الناعمة تلمس بها نفسى فتخفف عنها ما بها، كما تخفف الأم على ابنها ما به
حسبى منك يا ليل هذا القلب الذي لا يضيق بشكواى وعويلى
حسبى منك يا ليل أنك تصدّ عنى هجمات الناس ومضايقاتهم
حسبى منك يا ليل هذه الأجنحة البليلة تحتوينى فتخفينى عن أعين الإنسان
هذا الإنسان، يا لظلمه، يا لقسوته، ياله من كائن هائل مخيف
هذا الإنسان الذي يرقص فوق الجثث ويداه ملطختان بالدماء
هذا الإنسان الذي يضحك، والدم من قلبه صبيب، والدمع من عينه لا ينقطع.
هذا الإنسان الذي يمضى في سبيله كالمجنون، لا يبالى بأحد، ولا يهمه أحد، كآلة مسلوبة الشعور والحس.
هذا الإنسان الذي يبتسم حين أتأوه ويرقص حين أصرخ
حسبى منك يا ليل، هذه الاجنحة البليلة تحتوينى، حسبى منك أن تحملنى على هذه الاجنحة إلى حيث تذهب في كل صبح
إلى حيث لا شى، إلى حيث العدم والفناء..!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :415  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 122 من 181
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الثالث - النثر - مع الحياة ومنها: 2005]

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الثاني - النثر - حصاد الأيام: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج