((أدبنا الحديث)) وكيف نمهد له سبيل التقدم؟ |
من بواعث السرور والانشراح أن أدبنا الحديث استطاع لأسباب لا محل لايضاحها هنا أن يفلت من القيود الأدبية الاولى بحذافيرها دفعة واحدة: أي من دون أن يتورط في سلسلة شبكاتها المعقدة إبان دور انتقاله إلى الطراز الحاضر. ومن دواعى الأسف والاستياء معاً أنه في هذا الطور الجديد لم يلق بين يديه من وسائط التقدم والنجاح ما يكفل له الرقى إلى المثل الاعلى المنشود، فقد قامت في وجهه عقبات جمة لم تذلل بعد... فما هو أهم تلك العقبات وكيف السبيل إلى اجتياحها فاجتيازها؟ هذا ما عنيت بمعالجته في هذا المقال على ضوء الحقائق التى تبينتها من البحث والاستقصاء: |
1 ـ الخمول الاثرى والاقدام على النشر |
((الخمول الأثرى)) وأعنى به الاحجام عن النشر خروجا من مستلزماته وتبعاته هو من تلك العقبات التى لا تزال صامدة أمام قافلة أدبنا الحديث. فكثير من أدبائنا المقتدرين يحررون ويحبرون ويؤلفون بأسلوب جذاب مرماه الابداع وسمو الغاية ونبل المقصد فاذا أنجزوا ذلك رموا به في (سلال المهملات) فلو تأملوا في صنيعهم هذا لأدركوا أنهم قد ساعدوا من حيث لا يشعرون على القضاء على عنصر حى من عناصر أدبنا الحديث الناهض ألا وهو ذلك العنصر الذي كرسوا جزءاً ثميناً من أعمارهم في احيائه وإنعاشه، فمثلهم كمثل الفلاح الذي يلقى بذوراً طيبة في أرض له طيبة ويواصل الليل والنهار في تعهدها وسقيها وإِنمائها حتي إِذا أَيعنت وأَثمرت عبث بها دون رحمة أو إشفاق. |
اذا اتضح هذا ـ وهو واضح ـ فان أملنا الوطيد في مبادرة أولئك النفر للخروج عن زوايا الخمول الأثرى إلى ميادين النشر بكل نشاط تغذية لروح النهضة، وابرازاً لكفايتهم المكنونة أمام الجمهور. |
2 ـ العزلة الفكرية والروابط الأدبية |
ومما منى به أدبنا الحديث في الصميم اخلاد جمهرة من مريديه إلى كهوف العزلة الفكرية فكل منهم يعيش في بيئة خاصةمحدودة من تفكيراته وتصوراته وبحوثه واستنتاجاته الشخصية لأسباب ليس هذا محل شرحها مما أحدث اضطرابا في اتجاه دقة نهضتنا الأدبية وضؤولة وقصوراً في نتائجها. |
ومنعا لهذا الحاجز الحصين أرى من الضرورى تأسيس أندية خاصة للأدب يغشاها جماهير المتأدبين توسعة لدائرة أفكارهم بتبادل الأفكار والقاء المحاضرات الشائقة. |
3 ـ التخدير والتقدير |
يؤلمنا وايم الحق أن نشاهد سوق تخدير الأعصاب وتثبيط العزائم عن مواصلة الجهود الأدبية المنتجة نافقة السلع في أوساطنا بصورة واسعة النطاق، فلا تكاد تظهر مقالة أو قصيدة أو كتاب في أي موضوع أدبى طريف الا واستهدف المكتوب ثانويا والكاتب أوليا للواذع القدح الممضة نزيهة وغير نزيهة
(1)
|
فان كان الشاعر أو المحرر أوالمؤلف ممن لم يرزقوا حظا وافرا من قوة الارادة خر في الحال صريعاً لليدين، وانسحب من الميدان مكتفيا من الغنيمة بالاياب، على أنا اذا حاولنا تحليل هذه الظاهرة نجدها من بعض آثار الارتباك التى تحدث ابان الانتقال من طور إلى طور، ولابادة جراثيمها أرى أن نسعى سعياً جدياً في فتح أبواب التقدير والتشجيع والتعضيد أمام ادبائنا العاملين المنتجين. ومن أهم تلك الأبواب وأجدرها بالعناية اقامة الحفلات التكريمية لنوابغنا طبق المنهج الذي يسير عليه العالم المتحضر في مشارق الأرض ومغاربها نظراً لما تثمره هاتيك الحفاوة من بث روح النشاط والثبات والحماسة للفن في صدور المحتفى بهم مما فيه تهيئة جو صالح للانتاج الأدبى الجيد المملوء حياة وابداعا |
4 ـ خاتمة |
وانى أرى اللازم ـ وأنا على وشك اختتام هذا الموضوع الخطير ـ الاشادة بما لمادتين من التأثير العظيم في استحثاث سير النهضات الأدبية العالمية والقفز بها إلى الأمام وأعنى بهما الدعاية والمسابقات الأدبية ذات الجوائز التى تمنح لمن فاز فيها بقصب السبق من قبل الغُيَّر
(2)
من أنصار الأدب، على أن تكون فعلية لا قوليه فحسب. |
فبالدعاية نضخم قاموس أدبنا في نظر العالم الخارجى ولا يخفى ما نجنيه من وراء ذلك من الفوائد الأدبية الجمة. وعلى عاتق الصحافة تطبيق هذه المادة بما لديها من أساليب ووسائط الاذاعة والاعلانات المنظمة. |
وبالمسابقات الأدبية في التأليف والتحرير نستخرج مخبآت أفكار أدبائنا المنزوين وغير المنزوين في حلة جذابة قشيبة وفي هذا تقوية عملية لعضلات أدبنا الفتى وحفز به إلى قنن النهوض والنجاح والسمو. |
* * * |
|