شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
فلسفة الموت والحياة
كتبت في وفاة المربي الأكبر مدير مدرسة الفلاح الأسبق فضيلة الأستاذ عبد الله بن ابراهيم حمدوه رحمه الله رحمة واسعة.
* * *
ينتشر النور ويملأ النجود والبطاح، فتأتى الظلمة تسطو بأجنحتها السوداء على مجارى ذلك النور الوضاح. ويتسق الأمل ويحدو النفوس إلى الرجاء، فتأتى الخيبة تسحق بأقدامها الجهنمية معالم ذلك الرجاء الوضاء. وتسير السفينة وسط اللجى ميممة ساحل السلام والاطمئنان، فيأتى الموج يصدم بتياره الجبار صدرها، فتتحطم وتغدو طعمة للامواه والحيتان
كما تسطو على النور جحافل الظلمة الحالكة وكما تسحق الأمل رحى الخيبة الفاتكة، وكما تحطم السفينة أو اذى التيارات الساهكة ـ تقف الانسانية ازاء الرزية العظمى: رزية الفناء بعد الحياة، والعدم بعد الوجود!
يغلب الهدى الهوى، ويناضل الرشاد الضلال، ويساجل العقل العاطفة، وينازع الشجاع الشجاع، هي بطولة الإنسان للانسان تبدو في صور مختلفة، وأشكال متباينة، ولكن إلى حد ما، إلى حد ما يقف الإنسان تجاه هذا النزاع الهائل باهتاً واجماً، ذلك هو حد الاجل القاطع، والموت المحتوم.
اذن فما هو تنازع البقاء؟ وسنة النشوء والارتقاء؟!
أفانصراع الشجاع المغوار أمام الجبان الفرار، هو انتصار للاصلح وبقاء؟! أو استفحال القوة الظالمة على العدالة الوادعة نشوء للحق وارتقاء؟! أم هي الطبيعةالحاكمة، والقوة المستترة القاهرة، تملى ارادتها، في فيسير الكون على قضائها؟!
تلك سنن سنها مبدع الكائنات، هي للبشر عبر وآيات، فسبحانه من واحد تفرد بالعظمة والبقاء!
* * *
نقف أمام الجوامع، فنصمت صمت خشوع واجلال، ونقف أمام الطبيعة الواسعة الباهرة، فنصمت صمت اعتبار واعجاب، ولكن نقف أمام الموت وجلاله صامتين. ولا ندرى لماذا نصمت أفخوفا من غائلته التى ستغولنا، والكل منا يعلم ان ذلك منتهاه؟! أم دهشة وحيرة لهذه النهايةالتى يكره عليها الاحياء اكراهاً؟ أم اكباراً لموقفه العادل أمام جبروت الإنسان وطغيانه على حق أخيه الإنسان؟! أم طمعا فيما بعده، وما بعده غيب محجب وسر مكتوم؟ لا ندرى ولا ندرى، وخير لنا أن لا ندرى!!
حياة زائفة، وأمانٍ باطلة، ينخدع بها الاحياء، لا يلبث أن يغتالها الفناء، فتصبح هباء كهشيم المحتظر، فيا خسران من لم يأخذ من دنياه لآخرته، ومن شبابه لهرمه، ومن حياته لما بعد موته، وانه لحق ما بعد الموت من مستعتب، ان هو الا نعيم الابد، أو شقاء الأبد.
ويالهول المصاب! على نفوس شباب بدأت تطرق ميدان الحياة للجلاد والكفاح، وهي أعزل من كل سلاح، اللهم الا شعلة قوية من مقباس حكيم كان يروضها، تنير لها مسالك الرشاد، وسيف بتار بيد بطل كان يقطع به أشواك الاهواء، وحسك الاغراض المعترضة في طرائقها.
فمن لهذه النفوس الغريرة الضعيفة، وقد اقصدت في صميمها، ورزئت في مرشدها وحكيمها، ونكبت في بطلها وامامها؟ من لها اذ تشتبك السبل وتتلوى المعاضل؟
من لشعلة الحكمة يضيئها؟ ومن لسيف الحق يشهره؟
يالهول المصاب! يالهول المصاب!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :404  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 94 من 181
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الخامس - حياتي مع الجوع والحب والحرب: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج