|
((حذار أن تكون ضعيفاً))!! |
| ما رأيت كالقوة منعة تحصن جانب المرء وتعزز مكانته وتحفظ عليه كرامته. وانه يخيل إلي أن البسيطة بأهلها، وأهلها بقواعدهم اصطلحوا على احتقار الضعيف، وأطبقوا على الاستهانة به والسخرية منه، فحذار يا صاحبي، حذار أن تكون ضعيفاً. |
| شهدت ضعيفاً يدلج في أحد الشوارع وعاصفة من الصفير تدوى في اذنه، وكوكبة من الأطفال تعبث به، فقلت هو الضعيف ويله من الصغار والجهلاء! |
| وشهدت آخر تكالب جميع غفير على ايذائه. هذا يصفعه. وذاك يمتطى ظهره. وغيره يدفعه ليغريه بالرقص واللعب، وكانت زفرات المسكين تتصاعد فتتلاشى في ضحك الضاحكين وقهقهة الصاخبين، فقلت: هو الضعيف ويله من غوغاء الشوارع وأوباشها. |
| وضمنى مجلس بنفر من الناشئين اجتمعوا على ضعيف فجعلوا منه سمراً تفكهوا فيه ما شاء لهم ذلك، وكانت ساعة هلك المسكين في تضاعيفها تعذيبا وألما. فقلت هو الضعيف ويله من شباب لم يستكمل، وعقول لم تنضج. |
| وسمرت ليلة في جمع أرباب الحجى وذوى الفضل، فتصدرنا ضعيف أخذوا بيده إلى أرفع مجلس فأوهموه العظمة، وراحوا على حساب ذلك يتغامزون ويعبثون، ومضت ليلة حسبت صاحبي سيقضى في نهايتها كمدا وهما، فقلت هو الضعيف ويله من أبناء الحياة صغارهم وكبارهم، غوغائهم، وأشرافهم!! |
| فحذار.. حذار يا صاحبي أن تكون ضعيفاً!!! |
| صحيح ـ اذا قلت لي ـ ان في طوائف البشر نبلاء وأشرافا وان فيهم الشهم والغيور للحق. لكن الضعيف، الضعيف في عقله، والضعيف بطيبة قلبه محكوم عليه في جل هذه المواطن مع أغلب هذه الطوائف ـ ان لم أقل كلها ـ بالموت، ضحية زوبعة من الضحك تثار على مشهد منه فحذار.. حذار أن تكون ضعيفا!! |
| اذا كنت صبيا يحثو التراب فكن قويا يجاملك أترابك الصبيان!! |
| اذا كنت يافعا فكن في لفيفك قويا تصبح فيهم كالطود شامخاً. |
| اذا كنت تلميذاً فكن قويا يكبرك استاذك ويحترم عواطفك رفاقك!! |
| اذا كنت مرؤوسا فكن قويا تحفظ لنفسك حقوقها، واذا كنت رئيسا فكما تكون عادلا كن قويا يعرف مرؤوسك موضع رئاستك!! |
| واذا كنت مملوكا فكن قويا تنج من جحيم العبودية، واذا كنت مالكا فكما تكون نبيلا كن قويا يخضع الناس لجلالك وهيبتك!! |
| كن قويا أيان كنت وكيفما تعش عزيزاً وتخلد عظيما!! |
| يا صاحبي: أتحب السيادة وتشتهي العظمة، وتتوق إلى أن يوقرك الناس؟؟ اذاً فكن قويا!! |
| أتود أن تنسب في محيطك إلى الحكمة واصالة الرأى، وتشتهر ببلاغة القول وفصاحته، وتعرف بالكلمة النافذة اذا قلتها قالها معك الأدنون وأمن عليها الأبعدون؟ إذاً فكن قويا!! |
| * * * |
| وبعد فشيئا من الدمع على اخوانك الضعفاء. انك لا تدري أقدَّت قلوبُ الناس من صخر فلا تلين ولا ترحم، يجلس الضعيف اليهم وهو انسان اجتماعى فيتهافتون على ايذائه ويتسابقون إلى إيلامه وتعذيبه، حتى لتضيق الحياة به ويحار في تنفيس كربه، أيركن إلى الفرار، أم يلجأ إلى القفار ليحنو عليه الجماد وتؤانسه الوحوش؟ |
| شيئا من الدمع عليه وحذار! حذار أن تكون ضعيفا |
| والضعيف أبداً مخفور الذمام مذنب ان غضب لنفسه أو ربأ بها عن مجالس العبث، أو رفعها عن مواطن الذل. اما دفاعه لكرامته ان أحس بانتقاصها فليس سوى مهاترة تغرى ـ في نظر القوى ـ بالمجون وتستثير الهزؤ والضحك!! |
| يا للقسوة والظلم!! |
| ما أخلق الإنسان برحمة أخيه الإنسان، وما أجدر القوى بالحدب والعطف على صاحبه الضعيف. |
| * * * |
|
|
شارع عبد المقصود خوجة
00966-12-6982222 - تحويلة 250
