حاجتنا إلى تعليم البنات |
شيء يقره المنطق! |
الطفل الذي ننكر عليه أنانيته ونحارب شعوره باستقلاله فيعيش كئيبا مقبوض النفس! |
والطفل الذي نترك لميوله الحرية بلا قيد ولا ضبط فينشأ شهوانيا عتيدا لا يكبح جماحه ولا يلوى عنانه. |
والطفل الذي نسحق ارادته، ونقسر عواطفه فنربى فيه الخوف والجبن والايمان بالأوهام. |
والطفل الذي نفرط في تدليله والحنان عليه فلا نعلمه طاعة والديه ولا نخلق فيه الثقة بهما وشعوره بالحاجة إلى كل مافى معناهما فنتركه يكبر الا في عقله يدلل نفسه عندما يصبح رجلا فلا يضطلع بمسؤولية ولا يخوض مع لداته غمار الحياة ولا يعتبر نفسه مطالباً بقواعد الناس وما يربطه بهم. |
هذا الطفل، وذاك، وأولئكم مجنى عليهم في نظر الدين والانسانية والعرف من جانب واحد هو جهل الأم! |
* * * |
الأم الجاهلة التى تكبت غرائز الطفل وتضغط على ميوله فتصوغ منه رجلا لا يمت إلى الرجولة بشىء. |
والأم الجاهلة التى لا تقدر أن تسوس أخلاق طفلها وتقيد أهواءه الشاذة بضوابط تقرها التربية الحكيمة فتنشىء منه شريراً مجرماً. |
والأم التى تنتزع من طفلها ارادته، وتخلق منه عبداً مستضعفاً ذليلا. |
ثم الأم التى تفرط في العطف على طفلها وتغذى روحه بمعانى الأنوثة. |
هؤلاء الأمهات يقدمن إلى المجتمع رجالا يشقى بهم، فهن جانيات، وجنايتهن هذه تقع مسؤولية أكبر قسط منها على من أهمل أمرهن وأنشأهن غبيات جاهلات! |
* * * |
إن الصعود بمستوى أمتنا إلى مصاف معاصريها من أرقى الأمم شيء لا يتأتى عفوا ولا يقوم الا على أكتاف رجال صالحين للحياة، وهؤلاء بدورهم لا ينبتون مع حشائش الشواطىء، ولا يتحدرون مع قطر الندى، انما هم يبذرون وتباشر الأيدى ـ أيدى الأمهات ـ طرق نموهم على قواعد علمية وأساليب حكيمة تضمن ثمرات طيبة ونتائج صالحة مفيدة! |
وما الطرق العلمية الحكيمة لمباشرة النمو الا شيء جلل يستدعى دراية واسعة وحنكة ودربة، وتلك أمور لا تستقيم مع الجهل، الجهل المريع الذي يكتنف الأم عندنا! |
اذن فما بالنا نغضي عن اعداد الأمهات وتعليمهن على الأقل ما يلائم وظائفهن كمربيات وأمهات وربات أسر. |
ويتطاول بعضنا فينادى بالثبور، ويصم أنصار الفكرة بوصمة التفرنج والخروج على الدين، وينسى ان من مبادئ دينه فرضية طلب العلم على المسلم والمسلمة، ثم يتناسى تلك الصفحات من التاريخ المفعمة بأخبار أقطاب السيدات العربيات المسلمات المتعلمات وأثرهن البعيد في حضارة الاسلام وثقافته وعرفانه! |
ويشدد النكير قوم يخافون من وراء تعليم البنت رفع صوتها كما لو كانوا يجهلون أخواتها في صدر الاسلام، أولئك اللاتى كن يخضن الصفوف ويتخللن الرجال في حومات الوغى فيستثرن حماسهم، وبنات أبيهم أولئك اللاتى كن تضرب اليهن أكباد الابل للاغتراف من مناهل علمهن ومنابع فضلهن! |
وتهلع قلوب فريق عند ما تحدثه عن مدارس البنات . كأن بدعا من الأمر أن يكون للبنات مدارس، وما مدارس البنات سوى كتاتيب (الفقيهات) القائمة اليوم بيننا مع تعديل في طرقها الملتوية وأساليبها العقيمة وقواعدها الضاربة في الفوضى إلى أبعد حد، وسن مناهج لها جديدة تدرج بالعقل فتربيه تربية صحيحة وتعده لتفهم مبادىء الدين على حقائقها ومحاربة الخرافات والخزعبلات التى يتوارثها البنات عادة في بيوتهن من العجائز مخلفات القرون المواضى، ومن ثم تهيئهن للحياة العائلية وتعدهن لسياسة البيت وتخصصهن في أصول التربية القائمة على أسس من المنطق والعقل. |
هي ذي حاجتنا التي تهيب بنا لتعليم البنت، وهي كما يراها العادل، حاجة ماسة لا غنى لبلادنا عنها اذا كنا نريد لها رجالا نافعين وقوادا عاملين!! |
|