أزف اللقاء وحان منك الموسم |
فإِلام تضّغن الشعور وتوجم؟ |
وإلام يحفزك (النداء) كأنه |
زفرات هذا الشرق حين يدمدم؟ |
أو لم تحس بما استحث (شعوبه) |
وقلوبه الحرّى، وما هي تعزم؟ |
أو لم يهجك صراخه، ونهوضه |
وحنوه، وعتوه المتجسم |
أو لم ترعك الحادثات بهولها |
والنازيات من الأمانى الحوَّم |
فاصدح بشجوك وامل صوتك عالياً |
(فالنيل) يصغى و(الفرات) يترجم |
* * * |
هيهات لست بكل ما اضطربت به |
نجوى الجوانح في (الجزيرة) الهم |
هي نفثه لولا التقى لبعثتها |
قلباً يمور بما يضيق به الفم |
* * * |
فاذا بكيت فما بكيت لأننى |
غمر بأطياف الصبابة يحلم |
أو مدنف لعبت به أيدى الصَّبا |
وحمته عن قطف الموّرد كُلثمُ |
ولئن شكوت وما استطعت تجلداً |
وتنابغت دون الليالى الجثم |
ولئن نزعت إلى التوله والضنا |
وسكبت دمعاً من معانيه الدم |
فلأن شعبى للعلا متحفز |
وأَمامه العثرات عمداً تؤكم |
أشجته بل شجته داعية الهوى |
هل للهوى الا التفرق سلم |
ما كان من أركانه متداعياً |
فبما جناه الجهل فهو المجرم |
أو بات من أخلاقه مسترخياً |
فبنوة الأحداث اذ هي تصدم |
أو عاد بعد طموحه وفتوحه |
عن مجده الوضاح لا يتبسم |
فله من الأسباب الف تعلة |
ما ان يحيط بها البيان المسجم |
وله اذا انفتل الحكيم لدرسه |
علل تكاد من الخفا تستبهم |
هي في الحقيقة نغلة فوارة |
كانت مدى الأجيال فينا تضرم |
حتى اذا طمس الصباح ظلامها |
وغدا (الكتاب) هو المنار المحكم |
وتألفت أشتاتنا وتقاربت |
أبعادنا واستعرب المستعجم |
عبثت بنا خلف الستار مضلة |
نعرات سوء بالشقاق تحدم |
رانت على من لم ترنح عطفه |
ذكرى (النبوة) و(الحطيم) و(زمزم) |
* * * |
هل كان للغرب المصوَّت نأمة |
أيام كان الشرق لا يستسلم؟ |
أو كان (للغرب) المدل بعلمه |
بصر بما أمسى به يتنعم؟ |
أو كان (للغرب) المدلل نهضة |
لولا جدود المسلمين العقم؟ |
فمن (الحجاز) إلى (طليطلة) إلى |
(مجرى اللوار) تثاقفته الأنجم! |
وتهافتت للعلم اذ شغفت به |
تلك السلائل و(الفرنج) الهوم! |
فتلقنوا منا الصحيح وللأسى |
عاذوا به وعدى علينا المقحم! |
* * * |
لم يكف ما اجترحته ناعية البلى |
عبر البحار وما رعاه الضيغم! |
لم يكف ما انتقصته من أطرافنا |
أيدى النكاية والشقاق المظلم! |
لم يكف هذا الطوق اذ هو حيَّة |
تسعى فتلقف كل ما يستهضم! |
لم يكف تعداء النوازل فانتحى |
للكيد فينا العابث المتكتم! |
فجنى على الاسلام لاهو منتهٍ |
عما يبث ولا النحائز تسلم! |
وكأنه اذ لم تفته جناية |
(ابليس) يركض مذغوى ويهمهم |
* * * |
يا (مصر) أنت وقد دأبت منارة |
للمهتدين وسعيك المترسم! |
يا (مصر) ما أولى بنيك بقومهم |
فعلام يوغرك الخلاف المبهم! |
يا (مصر) قد أغضيت عمن ليلهم |
فيك السهاد، وفي جمالك تُيَّموا |
يا (مصر) عاجلت الصديق وداده |
بالصد وهو المستبين الأدوم! |
يا (مصر) يا أم الحضارة والنهى |
مهلا فحبك في الجوانح مدعم! |
يا مطلع الفن الجميل ومهبط الـ |
ـشعر النبيل اذ الحياة المطعم |
يا مطمح الأمل العتيد وعزة المـ |
ـاضى المجيد وما أظل ويقدم |
يا ربة (الأهرام) والمجد الذي |
ما زال في أمم البسيطة يكرم |
يا بنت عمرو في مهاد حجوره |
وربيبة الفاروق جل المنعم |
أدعوك للحسنى إلى الخير الذي |
هو بالتواصل والتعاضد مغنم |
* * * |
ردى على تحيتى فلأمتى |
قلب عليك مع العتاب مقسم |
* * * |
لا كان من أغراك فهو مخادع |
العرب قومك والتناصر أسلم |
فاذا سررت فذاك قرة عينهم |
واذا ارتمضت ـ ولا ارتمضت ـ تشجموا |
مدى يديك لأمة ما شاقها |
الا لديك وفي رباها (الموسم) |
ما نحن الا الشعب قد نهضت به |
روح الحياة وبالهدى يستعصم |
ولو ان اثباج البحار وحولها |
قمم الجبال وما يهول ويعظم |
وقفت لتمنعنا الحياة عزيزة |
في الكائنات وقد تألىَّ المقسم |
لغدت كيوم الحشر عهناً أو صَدىً |
يجتازه الشعب الجرىء المسلم |
فاذا تنادى المؤمنون بدينهم |
فالخير ثمة، والظهور الأقوم |
والسعى توجيه الشريعة مخلصاً |
والغيب سر، والمهيمن أعلم |
والجسم (بالاسلام) يغدو واحداً |
والكف لا يغنيك عنها المعصم |
* * * |