لا الشرق شرق اذا ما ثارت الهمم |
كلا ولا الغرب غرب يوم يصطدم |
لكنها (سنن التكوين) ثابتة |
على العصور فلم تحفظ لها ذمم |
أجل تقهقر هذا الشرق فانغمزت |
قناته بعد أن صالت بها الأمم |
واندك (مجد بنيه) منذ أن غفلوا |
عن (الحياة) وزلت منهم القدم |
تقاصروا عن طلاب (المجد) في زمن |
أولى بهم فيه أن يجرى لهم نسم |
وخالفوا فطرة (الخلاق) وافترقوا |
فسامهم كل خسف من رقى بهم |
فشت بهم من (خرافات) الاولى نقموا |
عليهم الجد أوهام هي الوهم |
واسترسلوا في غطيط النوم فاندحروا |
منذ استوى فيهم الاحياء والرمم |
حادت عن (المثل العليا) جماهرهم |
حتى تشكى الونا من صدها السأم |
تسمم (الشرق) بالأدواء فاتكة |
بجسمه واعتراه الجهل والعدم |
ما كان أخلقه والقاطنين به |
ان لا تحل بهم من ربهم نقم |
تدثروا (الخز) لا أيديهمو نسجت |
وحاولوا (العز) لاسيف ولا قلم! |
بينا نرى (الغرب قد جاشت مصانعه) |
واكتظ بالقوم ضمت شملهم نظم |
ترشف (العلم) أحقاباً مسلسلة |
يد صَناع وفكر ناضج وفم! |
قد زاحم الطير في أَجوائها سُنحاً |
فلا البزاة تُعنيه ـ ولا الرخم! |
تعلو (المناطيد) بالركاب حاملة |
(متن السحاب) وتدنو حيث ترتسم |
ما هالها (الموج) في الآذي مصطخباً |
ولا التدهور في المهوى ولا العصم |
وفي البحار أساطيل لها زبد |
يعبّس اليم منها وهي تبتسم |
وفي (الجبال) من الأنفاق زمجرة |
اذا (القطار) تولى وهو يضطرم |
يخاطب الغرب أقصى الشرق في سعة |
بنصف ثانية هذا هو الحلم |
يا شرق أين عهود فيك زاهرة |
(الصين) جادبها و(الهند) والهرم |
أَين المفاخر في مغناك شيدها |
أبناؤك (العرب الأمجاد) والعجم! |
ماذا استضامك بعد التيه فانقلبت |
بك الدهور وأبلى مجدك القدم؟ |
ألم تكن مصدر الأنوار مشرقها |
(شمس) و(علم) وأخلاق لها دعم؟ |
هل خانك الجد حتى بت ذا غصص |
أو غالك الجد أو غاضت بك الأكم |
فيك الحضارات قد شابت ذوائبها |
وفي ذراك استقام العدل والكرم |
وقد خلعت على الأكوان بردتها |
أيام تنهكها الغارات والظلم |
فكيف يممت شطر الجهل معتسفا |
ضنك الخطوب وأين العلم والعَلَم؟ |
وكيف أصبحت في (ضيم) وفي (ضعة) |
ترعي الوبال وفي أَشداقك اللجم؟ |
ألم تكن صاحب التثقيف في أمم |
ظلت بسعيك في الآفاق تحتكم |
لم ترع فيك عهود الفضل واستبقت |
اليك (تحصد) ما شاءت وتقتسم |
ولا تذكر للشرق المديل يداً |
وانما هو (اهراءٌ) ومغتنم |
* * * |
يا (شرق) حسبك ما لاقيت من عنت |
أفق فانك بعد اليوم مقتحم |
شمر ذيولك و(انهض) لاتكن خولا |
ولا يصدك عن درك العلا حمم |
وواصل السعى في (التعليم) مقتبساً |
خير الفنون وإلا مضك الألم |
واختر لأهليك ما ترجى منافعه |
فأَنت (بالدين) و(التمدين) تحترم |
وقل (لكبلنغ) اما جاء معتذراً |
هذا هو الشرق لا ما قلت أو زعموا |
وارهف عزائم من أبنائك اتكأوا |
على الأَرائك يعلو فوقها القتم |
واشدد أَواخيهم واسلك بهم جدداً |
فثم يرويك فيها البارد الشبم |
واجلب بخيلك وارعد كلما نجمت |
قرون شر طواها سيلك العرم |
* * * |