شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
في القرن الثالث عشر
كانت الدولة العثمانية تنظر بقلق شديد إلى ظهور آل سعود في نجد وكانت ترقب فتوحاتهم وتوسع ملكهم عن كثب، فلم تكد تراهم قد اجتازوا حوران والكرك، ووقفوا منتصرين على أبواب الشام وفلسطين، واستولوا على مكة والمدينة وعموم مدن الحجاز وعسير وأصبحت الدرعية ـ كما يقول الريحانى ـ محط رجال العرب من الأقطار كلها، لم تكد ترى ذلك حتى هلع قلبها من الخوف وأحست بأن زعامتها الدينية ستتقلص، وقد كان الأشراف في الحجاز يحسون بأن آل سعود خطر على غطرستهم وحكمهم، فأخذوا يحاربونهم بذات سلاحهم. قام آل سعود على الدعوة الدينية، وحاربهم أعداؤهم عن طريق الدين أيضاً، وقد كان الأشراف هم الوحيدين الذين ينقلون للعالم أخبارهم فكانوا يكيفونها على أهوائهم ويصبغونها بصبغة تخدم سياستهم إلى حد بعيد. وكان الحجازيون يؤمنون أقوى الايمان بكلام الأشراف، ويقدسونهم أعظم تقديس رغم غطرستهم وعظمتهم وامتهانهم لهم ـ تلك الأسباب والتهويشات قضت بنفور الناس منهم.
واذا فهمنا ان الغزوات التى دارت بين أشراف مكة وبين آل سعود كانت ستا وخمسين غزوة، وان النزاع كان قائماً على قدم وساق بين الأشراف أنفسهم، وان الحجاز صار في النهاية معسكراً لحرب محمد على باشا مع الوهابية، اذا فهمنا هذا ولاحظنا الملابسات والظروف التى تحيط دائماً بأمثال هذه الأهوال أدركنا ان موت الحركة الأدبية في هذا العصر أمر محقق الوقوع وأسبابه قاهرة. والحقيقة التى يجب أن تسجل هي أن الأدب الحجازي في هذا القرن مات تماماً، ولكى ندرك مبلغ التدهور الأدبى الذي كان نتيجة هذه الأسباب نحيل القارىء إلى كتاب الآداب العربية في القرن التاسع عشر. ويكفى أن صاحب هذا المؤلف بحث الآداب العربية بجميع أنواعها في جميع أنحاء المعمورة، وبحث أدب الأعلام الذين وجدوا في هذا العصر بحث المستقصى الدارس، فلم يذكر في الحجاز الا أحمد بن زينى دحلان، والمعروف عن الدحلان أنه كان عالماً دينياً يتأثر بسياسة الأشراف ويخدم أغراضهم ومطامعهم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :326  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 18 من 181
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.