شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
في عصر القلاقل والفتن
ان القلاقل والفتن لها أثرها المؤلم المبكى في حياة الأمة التى تمثل على مسرحها تلك الأدوار، وكما أن الأمة كلما أمعنت في الحضارة والرفاهية أخصبت في العلوم والفنون، واتسعت دائرة ثقافتها بقدر ما لديها من مؤهلات وما حولها من تشجيع وتعضيد. كذلك اذا زعزعت القلاقل والفتن كيانها لا تلبث أن تضيع كل ثروة علمية أو أدبية أو فنية كانت لديها بالأمس. ولا شك أن للسياسة صلة وثيقة بكل هذه العوامل والمؤثرات، وماكان لمكة والمدينة من قداسة في نظر العالم الاسلامى قضى بان يكون الاتجاه إلى الاستيلاء عليهما أقوى وأعظم. أضف إلى ذلك أن هذا الوطن البائس منى في أواخر القرن السادس بحكم الأشراف المعروفين بالهواشم فكانوا (ضغثا على ابالة) وكانت البلاد الحجازية واقعة في اضطراب لا مزيد عليه، وكثرت الثورات الداخلية، واتسعت شقة الخلاف في البيت الحاكم من الأشراف. ويحدثنا السنجارى أن حميضة بن أبى نمى قتل أخاه أبا الغيث بن أبى نمى وطبخ لحمه طعاما لاخوته المنازعين له في الامارة، وأقام على رأس كل واحد منهم سيافين وأنذرهم أن من حرك رأسه كان جزاؤه الموت. ويحدثنا ابن بطوطة أن أمير المدينة كبشَ بن منصور قتل عمه مقبلا وتوضأ بدمه. وأن أبناء مقبل تمكنوا من أخذ الثأر فقتلوا كبشا ولعقوا دمه، فتلك الوحشية المتناهية، وهاتيك النار المتأججة كانتا من أقوى الاسباب التى أتت على البقية الباقية ـ اذا فرض وجود بقية ـ من الحركة الأدبية الحجازية، كما قضت بأن يتسرب الداء إلى الحركة العلمية، فلم يحل القرن الثامن حتى ضعفت الثقافة العلمية ضعفاً محزناً. نعرف هذا من رحلة ابن بطوطة فانه كان شديد العناية في رحلته بتدوين أخبار أهل العلم والادب والفن، فلما أتى على ذكر الحجازيين لم يذكر لنا الا بضعة عشر شخصاً من العلماء في مكة والمدينة وهما أعظم المدن الحجازية علماً وأدباً. أما الادباء فلم يحدثنا عنهم بشىء. وانا لم نجد عنوانا ينطبق على هذا العصر الا عنوان ((القلاقل والفتن)). نعم ان العصر الذي بعده كان لا يقل عنه اضطرابا الا أن ذلك كان تحت رعاية حكومة مسؤلة. فلذلك ولغيره من الاسباب فصلناه عن العصر الذي بعده. والحقيقة ان هذه الحالة لم تك مقتصرة على الحجاز فقط بل تناولت كافة البلاد العربية، فقد دالت في هذا العصر دول عديدة، كانت تشجع الأدب، وتروج سوقه، وان نهر دجلة وما قذف فيه، وبغداد وما مثل فيها، والاندلس وما حل بها، كل ذلك قضى على الأدب العربي فأصبح هشيما تذروه الرياح الا بقية منه غمر تأثيرها الشام ومصر، فكانت يد الله في استبقائها حينا حتى اجتاحها المصاب في عهد التتريك العثمانى.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :369  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 13 من 181
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

البهاء زهير

[شاعر حجازي: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج